في خطوة جديدة من خطوات التضييق على الحريات في القدس؛ سلّمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الخميس الصحفي المقدسي محمد صادق قراراً بالإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك لمدة أسبوع، وذلك بعد ساعات من اعتقاله على حاجز مخيم شعفاط وإطلاق سراحه بشرط تنفيذ القرار.
ولم تعد هذه الإجراءات حالات فردية، بل تحوّلت إلى سياسة ممنهجة تستهدف الصحفيين والناشطين المقدسيين، في محاولة لتكميم الأفواه وإقصاء الأصوات الناقلة لانتهاكات الاحتلال بحق المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، حيث يُستخدم الإبعاد هنا كعقوبة تعسفية بلا مسوغ قضائي حقيقي، وبعيداً عن أي ضمانات لحق الدفاع أو المحاكمة العادلة.
وتشكل قرارات الإبعاد القسري عن المسجد الأقصى انتهاكاً مزدوجاً للقانون الدولي، فهي تمس أولاً بحرية العبادة والتنقل المكفولتين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتشكّل ثانياً خرقاً لالتزامات قوة الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على دولة الاحتلال فرض قيود أو عقوبات جماعية على السكان المدنيين أو تقييد وصولهم إلى أماكنهم المقدسة.
إضافة إلى ذلك؛ فإن استهداف الصحفيين على وجه الخصوص يُصنّف اعتداءً مباشراً على حرية الرأي والتعبير وحق الجمهور في الحصول على المعلومة، وهما من الحقوق الأساسية التي لا يجوز تقييدها تعسفياً حتى في حالات الطوارئ أو النزاعات المسلحة. ويضع القانون الدولي حماية خاصة للعاملين في المجال الإعلامي، بوصفهم شهوداً مباشرين على ما يجري، وأي محاولة لإسكاتهم عبر الاعتقال أو الإبعاد تُعد ضرباً من ضروب القمع الممنهج.
كما أن توظيف قرارات الإبعاد بصورة متكررة ضد المقدسيين يكشف عن نهج استراتيجي يستهدف إفراغ الأقصى من وجوده الفلسطيني الأصيل، وهو ما قد يرقى إلى جريمة اضطهاد جماعي بحق سكان القدس، باعتبارها سياسة تهدف إلى المساس بهويتهم الدينية والوطنية وقطع صلتهم بأماكنهم المقدسة.
إن هذه الممارسات، عند جمعها مع القيود الأخرى المفروضة على المقدسيين من حصار، وحرمان من حقوق الإقامة، وهدم للمنازل، تشكل صورة واضحة لسياسة اضطهاد واضطلاع ممنهج، تتجاوز كونها مجرد خروقات متفرقة، لتدخل في إطار الجرائم الدولية المستمرة التي تستوجب المساءلة.