في مشهد يسلّط الضوء على تصاعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي؛ دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى فتح تحقيق مستقل في الهجمات التي استهدفت سفناً مدنية مشاركة في “أسطول الصمود العالمي” أثناء تواجدها في المياه التونسية يومي 8 و9 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويُعدّ هذا الأسطول أضخم مبادرة بحرية دولية تسعى لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكانه الذين يعيشون تحت وطأة المجاعة.
وأكد المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، في بيان، أن ما جرى يمثل “هجمات غير مشروعة” على سفن مدنية غير مسلحة، مشددًا على ضرورة المحاسبة وضمان عدم الإفلات من العقاب.
وأوضح أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة أعلن بالفعل عن وقوع مجاعة في غزة، ما يجعل التدخل العاجل مسألة حياة أو موت.
وأشار البيان إلى أن على الاحتلال أن يلتزم فورًا بالقانون الدولي، بما في ذلك التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، والمتعلقة بضمان وصول المساعدات الإنسانية الكافية وحرية عمل الطواقم الإغاثية.
وفي تطور لافت؛ أعلن “أسطول الصمود” أن طائرة مسيرة تابعة للاحتلال استهدفت سفينة إسبانية بميناء سيدي بوسعيد، وعزز ذلك بمقاطع فيديو توثق الحدث. غير أن وزارة الداخلية التونسية نفت ذلك، موضحة أنها عاينت آثار حريق محدود في إحدى سترات النجاة تمت السيطرة عليه سريعًا.
ورغم ذلك؛ يواصل الأسطول العالمي، الذي يضم عشرات السفن ومئات المشاركين من 47 دولة، استعداداته للانطلاق من تونس في أكبر قافلة بحرية من نوعها نحو غزة. ومن بين المشاركين سياسيون وبرلمانيون وفنانون بارزون، ما يعكس زخمًا دوليًا غير مسبوق للتضامن مع سكان القطاع المحاصر.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، يغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، مانعًا دخول الغذاء والدواء والمواد الأساسية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المجاعة وسقوط مئات الضحايا جوعًا، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال. وحتى عند السماح بدخول مساعدات محدودة، فإنها لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات، مع تعرض العديد من الشاحنات للسطو من جماعات محمية من قبل الاحتلال.
ووفقًا لأحدث الإحصاءات، خلّفت الإبادة الجماعية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ما لا يقل عن 64,756 قتيلًا و164,059 جريحًا، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف. كما أزهقت المجاعة أرواح 413 فلسطينيًا بينهم 143 طفلًا، وسط دمار واسع للبنية التحتية وتهجير قسري طال قطاعات واسعة من السكان.
إن ما يجري في غزة لا يمكن اعتباره إلا جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، تتداخل فيها أدوات القتل المباشر بالتجويع المتعمد والتدمير الممنهج. أما استهداف “أسطول الصمود” أو تعطيله فيُعد استمرارًا لسياسة ممنهجة تهدف إلى قطع شريان الحياة عن الفلسطينيين، في تحدٍ صارخ لنداءات المجتمع الدولي وقرارات أعلى الهيئات القضائية الأممية.