في تطور خطير يضاف إلى سلسلة التحذيرات الدولية؛ أكدت متحدثة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أولغا تشيريفكو، أن الاحتلال قد فرض حكمًا بالإعدام على مدينة غزة، مشيرة إلى أن سكانها لم يعد أمامهم سوى خيارين قاسيين: المغادرة القسرية أو الموت.
وجاءت تصريحات تشيريفكو خلال مؤتمر صحفي عبر الاتصال المرئي من منطقة دير البلح جنوب القطاع، حيث قالت: “أُمر مئات الآلاف من المدنيين المنهكين والمذعورين بالفرار إلى منطقة مكتظة، تضيق حتى بالحيوانات الصغيرة الباحثة عن مساحة للتحرك”، في إشارة إلى إنذارات الاحتلال التي تطالب السكان بإخلاء منازلهم تحت تهديد الهجمات.
ومنذ 3 سبتمبر/أيلول الجاري؛ يشن الاحتلال هجومًا واسعًا باسم “عربات جدعون 2” للسيطرة على مدينة غزة شمالاً. وفجر السبت؛ ألقى الاحتلال منشورات تحذيرية في أحياء رئيسية مثل الرمال الجنوبي، الشيخ عجلين، تل الهوى، وميناء غزة، مطالبًا السكان بالإخلاء عبر شارع الرشيد إلى الجنوب.
وشددت تشيريفكو على ضرورة وقف العنف المروع في غزة، قائلة: “نحتاج إلى قرارات عاجلة تمهّد لسلام دائم قبل فوات الأوان؛ أصوات لإسكات القنابل وأفعال لوقف نزيف الدماء”. كما أكدت على ضرورة فتح جميع المعابر والممرات لمرور المساعدات دون عوائق، لافتة إلى أن الفلسطينيين لا يطلبون صدقات، بل حقهم الأصيل في العيش بأمان وكرامة.
وأوضحت أن الأمم المتحدة تدير شبكة توزيع فاعلة تضم أكثر من 400 مركز تغطي مختلف أنحاء القطاع، بما يضمن وصول المساعدات حتى إلى الفئات الأضعف. وتشمل الأنشطة مطابخ ومخابز ومراكز توزيع قادرة على تغطية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
وانتقدت المتحدثة الأممية الآلية التي أطلقها الاحتلال بالتعاون مع جهة “أمريكية إسرائيلية” تُعرف باسم “مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، قائلة إن الفارق الجوهري يكمن في أن هذه الجهة تعرض الناس لمخاطر إضافية عبر إجبارهم على التواجد في مناطق عسكرية مكشوفة.
جدير بالذكر أن الاحتلال دأب على استهداف تجمعات المدنيين المنتظرين للمساعدات في أماكن التوزيع، ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، يغلق الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعًا دخول الغذاء والدواء والمساعدات، ما أدى إلى تفاقم المجاعة. وحتى الكميات المحدودة التي يُسمح بدخولها لا تفي بالحد الأدنى من الاحتياجات، فضلًا عن تعرض كثير من الشاحنات للسطو من عصابات محمية من الاحتلال.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، جمعت بين القتل المباشر والتجويع والتدمير والتهجير القسري. وبحسب آخر الأرقام؛ فقد خلف العدوان 64,756 قتيلًا و164,059 جريحًا، معظمهم نساء وأطفال، إلى جانب مئات آلاف النازحين. كما تسببت المجاعة في وفاة 413 فلسطينيًا بينهم 143 طفلًا حتى الجمعة.
وتعكس تصريحات “أوتشا” عمق المأساة الإنسانية المتفاقمة، حيث يُعامل المدنيون في غزة كأنهم محكومون بالإعدام الجماعي. وفي ظل استمرار إغلاق المعابر واستهداف المساعدات، يتأكد أن ما يجري في غزة ليس مجرد صراع مسلح، بل إبادة ممنهجة تستهدف الحياة ذاتها، وسط عجز دولي عن وقفها أو محاسبة مرتكبيها.