أتم الناشط الحقوقي البارز عيسى الحامد هذا الأسبوع ثماني سنوات داخل السجون السعودية، في ظل ظروف احتجاز قاسية تثير قلقاً بالغاً على سلامته الجسدية والنفسية.
والحامد هو أحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، واعتُقل في 16 سبتمبر/أيلول 2017 ضمن الحملة الواسعة التي استهدفت عشرات الأكاديميين والنشطاء السلميين.
وصدر بحق الحامد حكم بالسجن 11 عاماً، يعقبه حظر سفر بالمدة نفسها، إضافة إلى غرامة مالية مقدارها 100 ألف ريال سعودي. وقد بُنيت المحاكمة على اتهامات فضفاضة، مثل “الانتماء إلى جمعية غير مرخصة”، و”التواصل مع جهات خارجية”، وهي صياغات مبهمة أفرغت المحاكمة من أي معايير للعدالة، وحولت نشاطه السلمي إلى جريمة.
ويقضي الحامد محكوميته في سجن بريدة بالقصيم، حيث يعاني من العزلة المستمرة وحرمانه من التواصل المنتظم مع أسرته ومحاميه، ما يضاعف المخاوف من تعرضه لانتهاكات تمس حقوقه الأساسية، وتحرمه من أي ضمانة قانونية أو حماية إنسانية.
ولم يقتصر الاستهداف على عيسى الحامد وحده، فقد سبق أن توفي شقيقه عبد الله الحامد، أحد أبرز رموز الإصلاح في السعودية، نتيجة الإهمال الطبي أثناء سجنه عام 2020. كما لا يزال شقيقه عبدالرحمن الحامد يقضي حكماً بالسجن تسع سنوات بسبب نشاطه الحقوقي. ويعكس هذا النمط من العقاب العائلي سياسة منهجية تهدف إلى ردع المطالبين بالإصلاح وإسكات أي صوت مستقل.
ويشكل اعتقال الحامد ومحاكمته بهذه الصورة انتهاكاً مباشراً للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وهي حقوق كفلتها المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها السعودية. وإن استمرار حرمانه من المحاكمة العادلة ومن حقه في الدفاع عن نفسه يضع قضية احتجازه في خانة الاعتقال التعسفي.
وإن ثماني سنوات من الاحتجاز تكفي لتكشف أن قضية عيسى الحامد ليست حالة فردية، بل جزء من سياسة أوسع تستهدف الحركة الحقوقية في البلاد، فيما يمثل استمرار اعتقاله وصمة عار على مسار العدالة، ويجعل الإفراج عنه ضرورة عاجلة تفرضها القيم الإنسانية قبل أي اعتبار آخر.