بينما عدوان الاحتلال الإسرائيلي المكثف على مدينة غزة، وسط تصاعد المخاطر على المدنيين والمؤسسات الطبية؛ أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تعليق عملياتها في المدينة، بسبب ما وصفته بـ”المستوى غير المقبول من المخاطر” الذي يهدد موظفيها وأنشطتها الإنسانية.
ويأتي القرار في ظل ظروف أمنية متدهورة، تعكس حجم الكارثة التي يواجهها القطاع الصحي في غزة تحت وطأة الحرب التي تحولت إلى إبادة جماعية.
وأوضحت المنظمة في بيان، أنها اضطرت إلى وقف أنشطتها الطبية الحيوية، بعد أن باتت العيادات التي تشرف عليها محاصرة من قوات الاحتلال.
ونقل البيان عن منسق الطوارئ في غزة، جاكوب غرانجر، قوله إن الاحتياجات الإنسانية هائلة، بينما الفئات الأكثر ضعفًا باتت عاجزة عن الحركة، من بينهم أطفال حديثو الولادة في مراكز الرعاية، ومصابون بجروح بالغة، ومرضى بحاجة إلى متابعة طبية مستمرة.
وأكد غرانجر أن الوضع جعل استمرار العمل الطبي مستحيلا، وهو ما يزيد من خطورة المأساة الإنسانية.
وجاء قرار تعليق الأنشطة الطبية في ظل هجوم واسع يشنه جيش الاحتلال منذ 11 أغسطس/آب الماضي على مدينة غزة، عقب مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في 8 من الشهر ذاته على خطة لاحتلال المدينة.
وأطلق الاحتلال على العملية اسم “عربات جدعون 2″، واستخدم خلالها القصف المدفعي وإطلاق النار العشوائي ونسف المنازل بواسطة روبوتات مفخخة، إلى جانب التوغل البري وعمليات التهجير القسري، ما جعل القطاع الصحي هدفًا مباشرًا لهذه الهجمات.
ويأتي هذا التطور في سياق أوسع من حرب الإبادة الممنهجة التي ينفذها الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد قطاع غزة، بدعم أمريكي مباشر، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل 65,549 فلسطينيا وإصابة 167,518 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى وفاة 442 شخصا بينهم 147 طفلا بسبب المجاعة الناتجة عن الحصار والتجويع.
ويؤكد تعليق عمل “أطباء بلا حدود” أن النظام الصحي في غزة لم يعد قادرا على الصمود، وأن المدنيين العزل تُركوا يواجهون مصيرهم دون أي حماية أو علاج، في واحدة من أبشع صور الحرب على القطاع.
إن التسبب بتعطيل الخدمات الطبية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، واستهداف المرافق الصحية، كلها أفعال ترقى إلى جرائم إبادة جماعية وفق اتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948، وتمثل انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف التي تفرض على قوة الاحتلال واجب حماية المدنيين وتوفير الرعاية الصحية لهم.