تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسات استيطانية ممنهجة تمثل الوجه المدني لسياسة الضمّ الزاحف والاقتلاع القسري، حيث صادقت مؤخرا على مخطط استيطاني جديد يهدف إلى الاستيلاء على 35 دونما من أراضي قرية كفر قدوم شرق مدينة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة.
وبحسب ما جرى تداوله في وسائل إعلام عبرية، فإن المخطط يشمل الاستيلاء على 35.31 دونما من الأراضي الواقعة في الحوض رقم (10) بمنطقة “واد بروص” شمالي القرية، تمهيدا لبناء 58 وحدة استعمارية جديدة لصالح مستعمرة “متسبي يشاي” المقامة أصلا على أراضٍ فلسطينية مصادرة.
ويأتي هذا المشروع في سياق متصل من الاستيطان كأداة استعمارية ممنهجة، هدفها تفتيت الجغرافيا الفلسطينية وتغيير طابعها الديمغرافي، بما يشكل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة أو مصادرة ممتلكات الأهالي إلا لأغراض عسكرية مؤقتة وضرورية.
وتمثل مصادقة الاحتلال على هذا المخطط جزءاً من سياسة أوسع ترقى إلى جريمة حرب وفق المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إذ يكرّس الاستيطان بنية دائمة للتوسع على حساب السكان الأصليين، ويفرض نظاما تمييزيا يقوم على الفصل العنصري والحرمان من الحق في الأرض والموارد والتنمية.
كما أن هذا المخطط الجديد يستهدف قرية كفر قدوم، التي عُرفت برفضها الشعبي المتواصل ضد الاستيطان والجدار، ما يجعل الاستيلاء على أراضيها عقابا جماعيا مقنّعا بغطاء قانوني زائف، ويكشف عن نية متعمدة لإخماد أي شكل من أشكال الوجود الفلسطيني المستقل في المنطقة.
وبهذا؛ يواصل الاحتلال توسيع خارطة المستعمرات على حساب القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، في انتهاك ممنهج لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وفي إخلال واضح بالتزاماته كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تفرض عليه صيانة الأرض والسكان، لا مصادرتها وتغيير معالمها.
وتُظهر هذه المصادقة الجديدة أن المشروع الاستيطاني لم يعد مجرد سياسة داخلية، بل ركيزة في منظومة استعمارية متكاملة تهدف إلى تفريغ الأرض من أهلها الأصليين وفرض واقع دائم من الضمّ الفعلي، ما يجعل من مواجهة الاستيطان اليوم معركة وجودية تتعلق ببقاء الأرض والإنسان الفلسطيني على حدّ سواء.