اعتقلت السلطات المصرية الصحافية صفاء الكوربيجي مجدداً بعد عام تقريباً من الإفراج عنها، ووجهت إليها نيابة أمن الدولة العليا تهماً تشمل “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”، وهي اتهامات درج النظام على توجيهها إلى معارضيه ليتسنى له التنكيل بهم.
ويأتي توقيف الكوربيجي بعد سلسلة من استدعاءات أمنية ومتابعات إلكترونية لأنشطتها الصحافية، في وقت تشهد فيه مصر تراجعاً مستمراً في مؤشرات حرية الصحافة والتعبير.
ويُعد هذا الاعتقال الثاني للصحافية التي سبق أن احتُجزت عام 2022 على خلفية منشورات ناقدة للسلطة، قبل أن يُفرج عنها بشروط.
وتكشف إعادة توقيفها عن سياسة ممنهجة لتجريم التعبير السلمي عن الرأي، واستخدام القوانين الأمنية لملاحقة الأصوات المستقلة، ولا سيما الصحافيين العاملين خارج المنظومة الرسمية أو الناقدين لأداء الحكومة.
ويمثل اعتقال الكوربيجي انتهاكاً مباشراً لحقوقها المكفولة في المادة 65 من الدستور المصري التي تضمن حرية الفكر والرأي، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تلتزم مصر بتطبيقها. كما أن تكرار استخدام الحبس الاحتياطي المطول دون محاكمة يتعارض مع مبادئ العدالة المنصوص عليها في المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويُصنف ضمن الاحتجاز التعسفي المحظور دولياً.
ويهدف التوسع في استخدام تهم فضفاضة مثل “نشر أخبار كاذبة” أو “الانضمام إلى جماعة إرهابية” ضد الصحافيين، إلى إخضاع المجال الإعلامي بالكامل، وتحويل النقد إلى جريمة، والكلمة إلى أداة اتهام. في وقت ما زال فيه أكثر من 20 صحافياً رهن الاعتقال في البلاد، بينما تخضع مئات المواقع الإخبارية والإلكترونية للحجب أو الرقابة.
وتكشف إعادة اعتقال صفاء الكوربيجي أن حرية التعبير في مصر لم تعد حقاً مصوناً بل جريمة تُعاقَب، وأن الصحافة تُعامَل كتهديد أمني لا كمهنة رقابية تسعى إلى كشف الحقيقة. وإن استمرار هذا النمط من الملاحقات يكرّس سياسة تقوم على إسكات الأصوات المستقلة وتكميم المجال العام، ويؤكد أن ما يجري لم يعد مجرد تجاوزات فردية، بل نهج منظم لقمع الكلمة الحرة وإخضاع العمل الصحافي لسطوة الأجهزة الأمنية.