يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جرائم ممنهجة بحق المدنيين والعاملين في الحقل الإنساني والطبي، ضمن سياسة الإبادة الجماعية التي ينفذها ضد الفلسطينيين منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووفق الإحصاءات الأخيرة التي وصفها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأنها “مرعبة”، فإن الاحتلال يقتل في المتوسط كادرين طبيين يومياً، ويتسبب ببتر أطراف 13 فلسطينياً كل يومين، بينما تُظهر البيانات أن أكثر من نصف الضحايا من النساء والأطفال.
وأوضح المكتب في بيان أن الاحتلال يقتل صحفياً كل ثلاثة أيام، ورجل دفاع مدني كل خمسة أيام، ويصيب أكثر من 230 فلسطينياً يومياً، ويتسبب بإصابة 6 أشخاص بالشلل أو فقدان البصر كل يومين، في ظل استمرار استهداف المرافق الصحية والبنية التحتية المدنية في القطاع المحاصر.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن الاحتلال يشن أكثر من هجوم عسكري واحد يومياً على المنظومة الصحية، بما في ذلك المستشفيات وسيارات الإسعاف ومراكز الإغاثة، ما أدى إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي الذي يعمل بأقل من 15% من طاقته.
وتمثل هذه الأرقام مؤشرات صريحة على جريمة إبادة جماعية ممنهجة وفق تعريف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تُعرّف الإبادة بأنها “الأفعال المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو دينية أو عرقية، كلياً أو جزئياً”.
ويُظهر الاستهداف المتكرر للكوادر الطبية والعاملين الإنسانيين أن الاحتلال يتعمد ضرب مقومات الحياة والبقاء للشعب الفلسطيني، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف الرابعة التي تُلزم قوة الاحتلال بحماية الطواقم الطبية والمنشآت الصحية في أوقات النزاعات.
كما تُعد سياسة البتر الممنهج للأطراف، واستهداف الأطفال والنساء والمصابين، جزءاً من نمط سلوك واسع النطاق يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تُجرّم الأفعال القائمة على التعذيب، الإيذاء الجسيم، والمعاملة اللاإنسانية.
ويُضاف إلى ذلك أن الحصار المستمر المفروض على غزة منذ أكثر من 17 عاماً يُشكّل عقوبة جماعية محظورة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، إذ يتسبب بمنع دخول الغذاء والدواء والوقود، ما أدى إلى مجاعة أزهقت أرواح مئات المدنيين، بينهم 154 طفلاً خلال العام الجاري وحده.
ورغم وضوح الأدلة وتواتر التقارير الميدانية؛ يفتقر المجتمع الدولي إلى موقف حازم وفاعل تجاه هذه الجرائم، ما يُكرّس سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها الاحتلال منذ عقود.