ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في قطاع غزة، بعدما استهدف مساء الجمعة مركبة مدنية تقل 11 شخصاً من عائلة واحدة، بدعوى تجاوزها ما يُعرف بـ”الخط الأصفر”، وهو خط فرضه الاحتلال عقب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، إن القصف استهدف مركبة تقل 11 شخصاً من عائلة شعبان في حي الزيتون شرق مدينة غزة، بينهم 7 أطفال وسيدتان، دون أن يوجّه إليها أي تحذير مسبق، مؤكداً أن ما جرى “يعبّر عن استمرار نزعة الاحتلال الدموية ضد المدنيين الأبرياء”.
وأوضح بصل أن الاحتلال “كان بإمكانه تحذير العائلة أو التعامل معها بوسائل غير قاتلة”، غير أن اختيار القصف المباشر “يؤكد الإصرار على القتل والترويع”.
ويُعد ما يُسمى بـ”الخط الأصفر” واحداً من المفاهيم المستحدثة التي ابتدعها الاحتلال عقب انسحابه الجزئي من بعض مناطق قطاع غزة، إذ يشير إلى حدود وهمية تفصل بين المناطق التي تمركزت فيها قواته والمناطق المأهولة بالسكان.
ويشكل فرض “الخط الأصفر” مرحلة جديدة من السيطرة والتمييز المكاني القسري، شبيهة بمناطق “القتل الحر” التي اعتمدها الاحتلال في حروبه السابقة، ما يعكس انتقاله من الحرب العسكرية إلى نظام عقاب ميداني ضد السكان المدنيين.
وتصنف هذه الجريمة ضمن جرائم الحرب وفقاً للمادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تُجرّم “القتل العمد للمدنيين” و”استهداف الأعيان المدنية” خلال النزاعات المسلحة. كما أن الاستهداف بناءً على “تجاوز خط وهمي” لا يستند إلى أي سند قانوني، بل يشكل عقوبة جماعية محرّمة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وتأتي هذه الجريمة في سياق أوسع من الإبادة الجماعية المستمرة التي يمارسها الاحتلال منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي أسفرت – بحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة – عن مقتل نحو 68 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 170 ألفاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تدمير ما يقارب 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع.
وتتناقض هذه الممارسات مع الالتزامات التي نص عليها اتفاق وقف الحرب، الذي تضمّن وقف الأعمال العدائية، وانسحاباً تدريجياً لقوات الاحتلال، وإطلاقاً متبادلاً للأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. غير أن الاستهدافات المتكررة، ومواصلة الحصار ومنع التنقل، تُظهر أن الاحتلال يتعامل مع الاتفاق باعتباره غطاءً لإعادة الانتشار وتنظيم عمليات القتل وليس بوصفه التزاماً قانونياً وإنسانياً.
ويؤكد استمرار هذه الجرائم أن الاحتلال لا يزال يتعامل مع الفلسطينيين كأهداف مشروعة، متجاوزاً كل الحدود الإنسانية والقانونية، في وقت تتآكل فيه منظومة العدالة الدولية أمام واقع المجازر اليومية التي تُرتكب بدم بارد.