في جريمة جديدة تعكس تفشي سياسة الإفلات من العقاب التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، أعدم جنود الاحتلال طفلين فلسطينيين بالرصاص، في بلدة الجديرة شمال غربي القدس، بعد أن أطلقوا عليهما وابلاً كثيفاً من النار واحتجزوا جثمانيهما.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، الجمعة، إن الطفلين محمد عبد الله تيم (16 عاماً) ومحمد رشاد فضل قاسم (16 عاماً) قُتلا جراء استهدافهما بالرصاص الحي في منطقة الحارة الفوقة بالبلدة، قبل أن تقوم قوات الاحتلال باحتجاز جثمانيهما، في ممارسة باتت جزءاً من نهج ممنهج لإخفاء الأدلة وحرمان العائلات من وداع أبنائها.
وأقر جيش الاحتلال بتنفيذ ما أسماه بـ”كمين ناري” في المنطقة ذاتها، زاعماً أن الطفلين ألقيا زجاجات حارقة باتجاه طريق مركزي، وأن القوة “حيّدتهما” دون أن يوضح طبيعة إصاباتهما أو ظروف إطلاق النار. بينما ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الجنود “قضوا عليهما” في المكان، وهو تعبير يكشف طبيعة الإعدام الميداني الذي يتعرض له الفلسطينيون تحت ذريعة “الاشتباه” أو “محاولة الهجوم”.
من جانبها؛ أوضحت محافظة القدس أن قوات الاحتلال أطلقت النار على الطفلين بشكل كثيف قرب جدار الضمّ والتوسع العنصري المحيط بالمدينة، على مقربة من منازل السكان، ما يؤكد أن المنطقة لم تكن ساحة مواجهة مسلحة بل محيطاً مدنياً خالصاً.
ويمثل قتل طفلين غير مسلحين واحتجاز جثمانيهما انتهاكاً مزدوجاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف المدنيين والأطفال في أي ظروف، ويُلزم القوة القائمة بالاحتلال بحماية السكان الواقعين تحت سيطرتها.
كما أن سياسة الإعدامات الميدانية التي دأب الاحتلال على ممارستها تمثل عقوبة خارج نطاق القانون، وتكشف انحرافاً ممنهجاً في سلوك المؤسسة العسكرية، التي تتعامل مع كل فلسطيني في مناطق الضفة الغربية كهدف مشروع.
وجاءت الجريمة قرب جدار الضم والتوسع الذي يحيط بالقدس ويفصلها عن القرى الفلسطينية المجاورة، والذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 8 أمتار، ويمتد لنحو 202 كيلومتر، وقد أُقيم معظمه على أراضٍ فلسطينية داخل الضفة الغربية.
ورغم تبرير الاحتلال بناءه بـ”الضرورات الأمنية”، فإن الوقائع على الأرض تؤكد أنه أداة لفرض أمر واقع استعماري وضمّ أراضٍ فلسطينية، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2004 حين اعتبرت الجدار غير قانوني وطالبت بإزالته.
ولا يُعد مقتل الطفلين في الجديرة حادثاً معزولاً، بل حلقة جديدة في مسلسل طويل من استهداف الأطفال الفلسطينيين، الذين أصبحوا في مرمى نيران الاحتلال حتى في المناطق المدنية، في ظل غياب أي مساءلة أو محاسبة.
ويكرّس تكرار هذه الجرائم حقيقة أن الاحتلال لا يتصرف كقوة أمن، بل كقوة قمع تُمارس عقاباً جماعياً بحق شعب أعزل، وسط صمت دولي يتيح استمرار الانتهاكات بلا رادع.
























