دخل المحامي فراس الروسان في إضراب مفتوح عن الطعام والشراب والدواء داخل سجن باب الهوى، احتجاجاً على قرار توقيفه الإداري الذي أصدره متصرف لواء بني كنانة، رغم صدور قرار قضائي من مدعي عام اللواء بتركه حراً دون توقيف.
وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت الروسان من مكتبه في العاصمة عمّان الأربعاء الماضي دون صدور أي مذكرة توقيف قضائية بحقه، في انتهاك صريح لسيادة القانون والضمانات الدستورية للحرية الشخصية.
ورغم أن مدعي عام بني كنانة قرر الإفراج عن الروسان، إلا أن المتصرف أصدر لاحقاً قراراً بتوقيفه إدارياً استناداً إلى قانون منع الجرائم، مشترطاً كفالة مالية بلغت 200 ألف دينار أردني له ولرفيقه مالك نبيل الروسان، بدعوى أنه “يشكل خطراً على السلامة العامة ويثير الاضطراب”.
ويمثل هذا الإجراء تجاوزاً واضحاً لسلطة القضاء وتغولاً من السلطة التنفيذية، إذ يتيح قانون منع الجرائم للحكام الإداريين صلاحية توقيف الأفراد وقيد حرياتهم حتى دون توجيه تهم قضائية محددة.
ويفرغ استخدام هذا القانون بهذه الصورة مبدأ الفصل بين السلطات من مضمونه، ويُقوّض استقلال السلطة القضائية التي تُعد الضامن الأساسي للحقوق والحريات في الدولة.
كما يشكل التوقيف الإداري انتهاكاً للمادة (7) من الدستور الأردني، التي تنص على أن “الحرية الشخصية مصونة، ولا يجوز أن تُقيّد إلا وفق أحكام القانون وبقرار من جهة قضائية مختصة”.
ويُعتبر اللجوء إلى أوامر الحاكم الإداري لتوقيف أشخاص أفرج عنهم القضاء التفافاً على أحكام القضاء ذاته، وهو ما يتنافى مع أبسط مبادئ العدالة وسيادة القانون.
ويتعارض اعتقال الروسان مع التزامات الأردن الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل الحق في الحرية والأمان الشخصي ويحظر الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي تحت أي ذريعة.
كما يُلزم العهد الدول الأطراف بضمان أن أي شخص يُحرم من حريته يتمتع بحق مراجعة القضاء للتثبت من قانونية احتجازه، وهو ما يغيب في حالات التوقيف الإداري.
وتأتي هذه الحادثة لتعيد إلى الواجهة التأكيد على أن قانون منع الجرائم أصبح عملياً أداة بيد الإدارة لتجاوز القضاء وتقييد الحريات العامة.
فبينما يبرر مسؤولون رسميون استخدام القانون بدواعٍ “وقائية” للحفاظ على الأمن العام، تتيح نصوصه الفضفاضة استخدامه كوسيلة قمع سياسي أو اجتماعي، خاصة عندما يُستخدم ضد محامين أو نشطاء أو صحفيين.
ويشكل استمرار العمل بهذا النهج سابقة خطيرة تضعف الثقة في منظومة العدالة، وتفتح الباب أمام الاعتقال التعسفي، بما يتعارض مع الدستور الأردني ومبادئ دولة القانون، ما يستدعي المطالبة بالإفراج الفوري عن المحامي فراس الروسان، واحترام قرارات القضاء، وفتح حوار وطني جاد حول إصلاح المنظومة القانونية بما يضمن حماية الحريات العامة ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.

























