بدأ السياسي التونسي عبد الحميد الجلاصي، المعتقل على ذمة ما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”، إضرابا عن الطعام داخل السجن، في خطوة احتجاجية على ما يعتبره محاموه وعائلته “ظروف احتجاز غير عادلة” و”محاكمة سياسية مغلّفة بتهم جنائية”.
وأعلن الجلاصي، المعارض التونسي البارز، إضرابه دفاعا عن “كرامة الوطن وكرامة الإنسان”، وفق ما ورد في بيان مقتضب نشرته زوجته منية إبراهيم على صفحتها في “فيسبوك”.
ويأتي إضراب الجلاصي (65 عاما) في سياق موجة متصاعدة من التحركات الاحتجاجية داخل السجون، بعد دخول عدد من المعارضين في إضرابات مماثلة، كان آخرهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي بجبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك.
وتثير قضية “التآمر على أمن الدولة” التي طالت العشرات من الشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية، تساؤلات واسعة حول واقع العدالة في تونس، بعد أن تحوّلت من ملف قضائي إلى ما يشبه “أداة ضغط سياسي” وفق ما تعكسه ظروف المحاكمات وتواتر الاعتقالات في صفوف المعارضين.
فمنذ فبراير/شباط 2023، شهدت البلاد حملة اعتقالات واسعة شملت سياسيين ومحامين وناشطين بتهم من قبيل “محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة” و”التخابر مع جهات أجنبية” و”التحريض على الفوضى”، وهي تهم ثقيلة يُواجه على أساسها بعض المعتقلين أحكاما وصلت إلى 66 سنة سجنا في أحكام ابتدائية.
وتعكس ظروف احتجاز المعتقلين وطول أمد المحاكمات والاتهامات الفضفاضة تعكس، تراجعا مقلقا في ضمانات المحاكمة العادلة ومبدأ الفصل بين السلطات.
ويمثل إضراب الجلاصي الجديد، وهو سجين سياسي سابق قضى أكثر من 16 عاما في سجون نظام بن علي، عودة لأساليب المقاومة السلمية التي اتبعها معارضو الاستبداد في فترات سابقة، في مواجهة ما يرونه انحرافا عن مسار الديمقراطية الذي دشّنته ثورة 2011.
ويُعد إضراب الجلاصي والغنوشي وبن مبارك ومن تضامن معهم محاولة جماعية لكسر العزلة المفروضة على السجناء السياسيين، واستعادة النقاش حول جوهر الأزمة في تونس، والذي يتمثل في غياب العدالة، وانحسار الفضاء السياسي الحر، وتحول السجون إلى سلاح في مواجهة المعارضين.



























