تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسة الهدم الواسعة ضد المنازل والممتلكات الفلسطينية في القدس والضفة الغربية، في مشهد يعكس استمرار النهج القائم على التضييق والاقتلاع القسري للسكان الأصليين، بهدف تغيير الطابع الديمغرافي وفرض وقائع ميدانية جديدة لصالح المشروع الاستيطاني.
وهدمت قوات الاحتلال، اليوم الأربعاء، منزل المواطن المقدسي موسى بدران في حي البستان ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، بعد أن شرع قبل أيام في هدمه ذاتيًا لتفادي الغرامات الباهظة التي تفرضها بلدية الاحتلال على من يتأخر في تنفيذ قرارات الهدم.
ويأتي هذا الهدم بعد أسبوع من إجبار سلطات الاحتلال بدران على تنفيذ الهدم بنفسه، ضمن سياسة تهدف إلى تهجير سكان الحي المقدسي وإخلائه لصالح المشاريع الاستيطانية ومخططات “الحديقة التوراتية” المزعومة.
ويعاني أهالي سلوان من ضغوط متواصلة وأوامر هدم متكررة بحجة البناء دون ترخيص، في حين تصعّب سلطات الاحتلال عمداً على الفلسطينيين الحصول على تصاريح للبناء داخل القدس المحتلة.
وخلال العام الجاري؛ تم هدم 93 بناية في القدس حتى نهاية أيار/مايو الماضي، منها 53 منزلاً، فيما تجاوز عدد المنشآت المهدمة في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، منذ بداية العام 623 منشأة، ما يعكس تصاعداً غير مسبوق في وتيرة الهدم هذا العام.
وفي قرية الولجة شمال غرب بيت لحم؛ أقدمت قوات الاحتلال صباح اليوم على هدم منزل مأهول يعود للمواطن إيهاب صبري رضوان، يقع عند المدخل الرئيسي للقرية، وسط إغلاق تام للمنطقة ومنع حركة المواطنين والمركبات.
ويعد هذا المنزل أحد عشرات المنازل المهددة بالهدم في الولجة، التي تعاني منذ سنوات من حصار عمراني مشدد وحرمان شبه كامل من تراخيص البناء، فيما تواصل سلطات الاحتلال شق الطرق الالتفافية ومصادرة الأراضي المحيطة لصالح التوسع الاستيطاني في محيط القدس.
كما شرعت قوات الاحتلال صباح اليوم بهدم مساكن ومنشآت زراعية في خربة الفخيت ضمن منطقة مسافر يطا جنوب الخليل، مستهدفة منازل لعائلات فلسطينية تعيش في المنطقة منذ عقود.
وأفاد شهود عيان بأن آليات الاحتلال دمرت عدداً من المساكن وحظائر الأغنام، وسط انتشار عسكري كثيف ومنع الأهالي من الاقتراب، ما تسبب بحالة من الذعر بين السكان الذين يعتمدون على الزراعة والرعي كمصدر رزقهم الوحيد.
ويأتي هذا الهدم في إطار سياسة قديمة متجددة تهدف إلى تفريغ مسافر يطا من سكانها الأصليين لصالح توسيع المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية، رغم أن المنطقة مصنفة كمحمية طبيعية فلسطينية وفق القانون المحلي، وتُعتبر من أكثر المناطق تعرضاً لمحاولات الطرد القسري.
وتمثل عمليات الهدم والإخلاء القسري انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال تدمير الممتلكات أو تهجير السكان المدنيين، إلا لأسباب عسكرية قهرية ومؤقتة، وهو ما لا ينطبق على الحالات الجارية في القدس والضفة الغربية.
كما تشكل هذه الممارسات سياسة تمييز ممنهجة، إذ تمنح سلطات الاحتلال المستوطنين امتيازات كاملة في البناء والتوسع، بينما تحاصر الفلسطينيين بالقيود والغرامات، في محاولة لإجبارهم على مغادرة أراضيهم.
ويعمّق استمرار هذه الانتهاكات من أزمة السكن، ويدفع أعداداً متزايدة من العائلات الفلسطينية إلى التشريد، في وقت تلتزم فيه الجهات الدولية صمتاً متواطئاً حيال هذه الجرائم التي تستهدف الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة ومحيطها.



























