توفي المواطن أحمد مصطفى المعروف بـ”أحمد جزيرة” (35 عاما) يوم 10 نوفمبر 2025 داخل قسم شرطة إمبابة بمحافظة الجيزة، وسط تصاعد شبهات تتعلق بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة طيلة فترة احتجازه التي امتدت لنحو ثلاثة أسابيع.
وكان أحمد يتمتع بصحة جيدة قبل توقيفه، ولم يكن يعاني من أي أمراض سابقة، ما يجعل ظروف وفاته داخل الاحتجاز محاطة بأسئلة جدّية ومقلقة حول أسباب تدهور حالته الصحية.
وتشير شهادات شهود من داخل القسم إلى أن أوضاع الاحتجاز القاسية وسوء المعاملة كانا سبباً مباشراً في تدهور حالته ووفاته داخل الحجز، في وقت تُتهم فيه السلطات بممارسة ضغوط على أسرته لإجبارها على التوقيع على إقرار يُفيد بأن الوفاة ناجمة عن “هبوط حاد في الدورة الدموية”، وذلك مقابل تسليم الجثمان من مشرحة مستشفى الصدر بإمبابة.
كما تكشف روايات من داخل القسم عن تكدس خانق داخل غرف الاحتجاز، حيث يضم القسم نحو 700 محتجز داخل 4 غرف فقط من أصل 11 غرفة، بمعدل مساحي لا يتجاوز 35 سم لكل شخص، وهو وضع لا يتوافق مع الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، ويجعل الحياة اليومية داخل الحجز أقرب إلى ظروف غير آدمية، مع وجود شكاوى بشأن الحرمان من الطعام الكافي، ومنع الزيارات، وغياب الرعاية الصحية الأساسية.
وتعكس وفاة أحمد مصطفى واقعاً أوسع يتعلق بغياب الحد الأدنى من المعايير الحقوقية داخل أماكن الاحتجاز في مصر، حيث تستمر أنماط من سوء المعاملة، بينها الاكتظاظ الشديد ونقص الغذاء والرعاية الطبية، في التسبب بآثار جسيمة على حياة المحتجزين وصحتهم الجسدية والنفسية، ما يؤكد وجود نمط متكرّر من الإهمال المنهجي والغياب شبه الكامل للرقابة المستقلة على أماكن الاحتجاز.
كما أن محاولة دفع الأسرة نحو توقيع رواية طبية جاهزة للوفاة، تعدّ مؤشراً خطيراً على غياب الشفافية، وعلى السعي لطمس أي احتمال للتحقيق في أسباب الوفاة، مع ما يحمله ذلك من انتهاك لحق الأسرة في الحقيقة، وحق المجتمع في المساءلة.
ولا يمكن تجاهل أن بيئة الاحتجاز الحالية في مصر باتت بيئة طاردة للحدود الدنيا من الكرامة الإنسانية، حيث تُستخدم الضغوط النفسية والجسدية وغياب الشروط الصحية كوسائل لإدارة المحتجزين، في ظل غياب آليات فعّالة لمراقبة أماكن الاحتجاز أو التحقيق في الانتهاكات المحتملة.
وتفرض وفاة أحمد ضرورة فتح تحقيق فوري وجاد ومستقل لتحديد مدى مسؤولية أفراد الشرطة أو إدارة الحجز عن ظروف الاحتجاز التي ربما ساهمت في الوفاة. كما يجب أن يشمل التحقيق ظروف التكدس، والإجراءات المتّبعة في التعامل مع المحتجزين، وأسباب رفض إعطاء الأسرة معلومات واضحة حول حالته الصحية قبل وفاته.





























