في تطور لافت يعيد تسليط الضوء على أوضاع حرية التعبير في مصر؛ أُحيل رسام الكاريكاتير والمترجم أشرف عمر إلى محكمة الجنايات في القضية رقم 1568 لسنة 2024، وذلك بعد قرار من نيابة أمن الدولة باتهامه بـ”مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها”، بحسب ما أكده محاميه خالد علي.
وتأتي هذه الإحالة بعد أشهر طويلة من الاحتجاز والاتهامات المرتبطة بالنشر والتعبير، في وقت يتزايد فيه الجدل حول استخدام تهم الأمن القومي في مواجهة كتاب وفنانين ومثقفين، وما يثيره ذلك من تساؤلات حقوقية حول اتساع نطاق القيود المفروضة على حرية التعبير في البلاد.
وأوضح المحامي خالد علي في تصريحات إعلامية، أن زوجة عمر ندى مغيث اكتشفت قرار الإحالة مصادفة خلال زيارتها له في سجن العاشر من رمضان صباح السبت، مشيراً إلى أن عمر نُقل في 18 من الشهر الجاري من محبسه إلى مقر النيابة بالقاهرة الجديدة دون إبلاغه أو إبلاغ فريق دفاعه مسبقاً. وتم إعلانه بقرار الإحالة مع آخرين، دون تمكينه من الاطلاع على ملف القضية أو معرفة تفاصيل الاتهامات كاملة.
وكانت السلطات قد اعتقلت عمر في يوليو من العام الماضي، وتعرض – وفق أسرته ومحاميه – للإخفاء القسري لمدة تجاوزت يومين، لم يتمكّن خلالهما أهله أو محاموه من معرفة مكان احتجازه.
وبعد ظهوره أمام نيابة أمن الدولة؛ وُجّهت له اتهامات تتعلق بـ”نشر وإذاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون”، دون تقديم أدلة ملموسة تدعم هذه الاتهامات، وفق ما ذكره دفاعه.
وخلال الشهر الجاري؛ صدر قرار عن غرفة المشورة باستمرار حبسه لمدة 45 يوماً إضافية على ذمة القضية نفسها، ما يمدد فترة احتجازه الاحتياطي التي طالت لأشهر طويلة.
ويثير مسار القضية تساؤلات تتجاوز وضع أشرف عمر الفردي لتلامس البيئة الأوسع التي يُعامل فيها التعبير الفني والسياسي كمساحة محفوفة بالمخاطر القانونية. فالتوسع في استخدام تهم ذات طابع فضفاض مثل “الانضمام إلى جماعة إرهابية” أو “مشاركة جماعة في تحقيق أهدافها” في سياقات مرتبطة بالرأي أو النشر، يُعد من الممارسات التي تُضعف ضمانات العدالة وتمسّ الحق في حرية التعبير.
كما أن استمرار الاحتجاز لفترات مطوّلة دون إتاحة الوصول الكامل إلى ملف القضية أو الأدلة، وغياب الشفافية بشأن مراحل التحقيق، كلها مؤشرات تزيد من المخاوف بشأن إساءة استخدام قوانين الإرهاب لتقييد حرية الإبداع والنشر.
وفي السياقات التي تُستخدم فيها الاتهامات الأمنية لمعالجة قضايا تتعلق بعمل فني أو رأي معلن، يصبح من الصعب الفصل بين ما هو إجراء قضائي وما هو ممارسة تحدّ من المجال العام، خاصة حين يمتد الحبس الاحتياطي لفترات طويلة لا ترتبط بمقتضيات التحقيق الفعلية.
وتعكس إحالة أشرف عمر للجنايات استمرار مسار قضائي معقد يتداخل فيه الأمني مع التعبيري، ويثير مخاوف متزايدة حول مستقبل حرية التعبير في مصر، خصوصاً في ما يتعلق بالفن الساخر والعمل الثقافي. ومن الواضح أن القضية تتجاوز شخصاً بعينه، لتطرح أسئلة أوسع حول كيفية التعامل مع الرأي والنشر، وأثر ذلك على البيئة الثقافية والإبداعية في البلاد.



























