تواصل الناشطة السياسية شيماء عيسى، إضرابا مفتوحا عن الطعام داخل سجنها لليوم الثاني على التوالي، وفق ما أعلنته عائلتها، في خطوة احتجاجية ضد ظروف إيقافها والطريقة التي جرى التعامل بها معها خلال مشاركتها في مسيرة احتجاجية سلمية السبت الماضي.
وتقول عائلة شيماء إن عملية الإيقاف تمت بطريقة “مهينة وغير مبررة”، وإنها تعرضت لأسلوب يعكس ما بات سلوكاً اعتيادياً لدى السلطات التونسية في التعامل مع الأصوات المعارضة.
وتمسّكت السجينة السياسية، منذ لحظة حجزها، بحقها في ملاحقة كل من شارك في إيقافها بتلك الصورة التي تعدّ انتهاكاً مباشراً لسلامتها الجسدية وكرامتها.
وجرى تنفيذ الإيقاف استناداً إلى بطاقة قضائية تقضي بإنفاذ حكم بالسجن 18 عاماً صدر الأسبوع الماضي عن محكمة الاستئناف بتونس، في ما يُعرف بقضية “التآمر”، وهي قضية تقول عائلات المعتقلين إنها تُستخدم كأداة لتصفية الخصوم السياسيين أكثر من كونها مساراً عادلاً لإحقاق العدالة.
ويُعدّ إضراب الجوع أحد أشدّ أشكال الاحتجاج السلمي، وعادة ما تلجأ إليه الشخصيات السياسية حين تُغلق أمامها كل سبل الإنصاف داخل السجن وخارجه.
وفي الحالة التونسية؛ يمثل هذا الإضراب إشارة إضافية إلى غياب ضمانات المحاكمة العادلة، وإلى توسّع دائرة الاعتقالات التي تقوم على ملفات مطعون في قانونيتها وإجراءات يشوبها التعسف. فإيقاف أي مواطن بطريقة قسرية وغير مبررة، ودون مراعاة لكرامته أو لحقه في الدفاع، يُعدّ مساساً جوهرياً بمبدأ سيادة القانون.
كما أن تنفيذ أحكام قضائية بهذه القسوة، في قضايا سياسية الطابع، يكرّس واقعاً تتراجع فيه الضمانات الدستورية للحريات العامة والفردية. أما أحكام السنوات الطويلة في قضايا لا تستند إلى أدلة مادية واضحة، فتثير شبهة استخدام القضاء كأداة لترهيب المعارضين، وهو ما يناقض جوهر العدالة وحق المواطنين في التعبير والمشاركة السياسية دون خوف من الانتقام.
ويمثل احتجاج شيماء عيسى علامة على منظومة كاملة تُضيَّق فيها مساحة الحريات، وتُمارس فيها السلطات حق الإيقاف والملاحقة والعقاب بلا حدود واضحة أو ضوابط قانونية حقيقية.
وتكشف هذه الحادثة أن تونس تعيش لحظة حرجة تتطلب وقفة جادة أمام الانتهاكات المتصاعدة لحقوق الإنسان، واحترام حق كل مواطن في إجراءات قانونية سليمة ومحاكمة عادلة، بعيداً عن منطق القمع وإسكات الأصوات المعارضة.





























