شهد قطاع غزة، الأربعاء، كارثة إنسانية جديدة بعد أن غرقت آلاف خيام النازحين جراء أمطار غزيرة رافقت منخفضاً جوياً قوياً يضرب القطاع، ويستمر تأثيره حتى مساء الجمعة، ما فاقم معاناة مئات آلاف العائلات التي فقدت منازلها خلال العامين الأخيرين من الحرب.
وبدأت الأمطار بالتساقط بكثافة مع ساعات الفجر، ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه داخل الخيام ليصل في بعض المناطق إلى نحو 40 سنتيمتراً، الأمر الذي تسبب في تدمير ما تبقى من ممتلكات النازحين، وفقدان القدرة على الاحتماء من البرد في ظل غياب أية بنية تحتية قادرة على تصريف مياه الأمطار.
وتحدث نازحون عن ليلة قاسية فقدوا خلالها الأغطية والفرش القليلة التي يمتلكونها، مؤكدين أنهم باتوا غير قادرين على حماية أطفالهم من البرد والمطر. وانتشرت نداءات استغاثة عاجلة تطالب بعمليات إنقاذ فورية بعدما غمرت المياه مناطق نزوح واسعة.
وحذر المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، في تصريح مصوّر، من “كارثة إنسانية وشيكة”، قائلاً: “سنشهد حالات غرق ونرى الكارثة بأم أعيننا إذا لم يتحرك العالم بشكل عاجل”، في إشارة إلى محدودية قدرات الإنقاذ في ظل نقص المعدات ومنع دخول التجهيزات اللازمة منذ أشهر.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد حذّر، الثلاثاء، من منخفض جوي قطبي يهدد مئات آلاف العائلات النازحة، مؤكداً أن معظم مناطق النزوح عبارة عن تجمعات عشوائية فوق تربة غير مجهزة، ما يجعل الخيام عرضة للغرق والانهيار فور هطول الأمطار.
وأشار المكتب إلى أن الواقع المناخي القاسي “يضاعف من حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن حرب الإبادة” المستمرة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي قضت على البنية التحتية للسكن والخدمات، وحولت المخيمات المؤقتة إلى الملاذ الوحيد لملايين من السكان.
وتكشف هذه التطورات حجم التدهور في الظروف الإنسانية داخل غزة، خصوصاً أن الخيام الحالية لا توفر أي مستوى من الحماية المنصوص عليها في قواعد القانون الإنساني الدولي، التي تُلزم القوة القائمة بالاحتلال بضمان مأوى آمن، وإتاحة وصول المساعدات، ومنع تدهور الأوضاع بما يهدد حياة المدنيين.
ورغم الحاجة الماسة، لا يزال القطاع بحاجة إلى 300 ألف خيمة ووحدة سكنية مسبقة الصنع كحد أدنى لتأمين المأوى، وفق المعطيات الرسمية المحلية، في ظل تعطل دخول مواد البناء والمستلزمات الإنسانية الأساسية.
وتقدّر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 70 مليار دولار، نتيجة الدمار الواسع خلال عامين من حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي، التي أدت إلى مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 171 ألفاً، بينما يعيش الناجون في ظروف تُعرَّف حقوقياً بأنها بيئة تشكل تهديداً مباشراً للحياة مع أول موجة أمطار أو برد.
وتأخذ الكارثة في غزة شكلاً مركباً، حيث حرب دمّرت المنازل، وحصار منع إعادة الإعمار، ومخيمات غير صالحة للحياة، تأتي الأمطار لتكشف هشاشتها بالكامل، وسط تخاذل دولي.

























