شهد قطاع غزة كارثة إنسانية جديدة، بعد أن أغرقت أمطار غزيرة أكبر مستشفى في القطاع، مستشفى الشفاء، وآلاف خيام النازحين الفلسطينيين، فيما تسببت الرياح العاتية في تطاير مئات الخيام ومحتوياتها.
وتأتي هذه الأحداث في سياق تعرض القطاع لمنخفض جوي ثانٍ خلال أقل من أسبوع، بعد المنخفض الأول “بيرون” الذي أدى إلى مصرع 14 فلسطينياً وتضرر 53 ألف خيمة كلياً أو جزئياً، مما زاد من معاناة المدنيين الذين ما زالوا يعانون آثار الإبادة المستمرة على مدار أكثر من عامين.
وتسربت مياه الأمطار إلى أقسام حيوية في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وخاصة قسم الاستقبال والطوارئ، ما أدى إلى تعطيل العمل فيه تماماً. ويُعتبر الشفاء أكبر مستشفى في القطاع، وقد تعرض لدمار هائل وعمليات قصف وحرق لجميع مبانيه خلال الإبادة التي شنها الاحتلال على غزة.
ورغم جهود وزارة الصحة لإعادة ترميم بعض المباني خلال الشهرين الماضيين بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، إلا أن حجم الأضرار ونقص الإمكانات يحول دون عودة العمل بصورة طبيعية، لا سيما مع استمرار الاحتلال في عرقلة دخول المستلزمات الطبية والأدوية الضرورية.
وفي الوقت نفسه، غمرت مياه الأمطار آلاف خيام النازحين، وتطايرت بفعل الرياح العاتية، ما اضطر العديد من الفلسطينيين إلى البحث عن مأوى مؤقت تحت أنقاض المباني المدمرة.
وحذر متحدث الدفاع المدني محمود بصل من أن آلاف المنازل المتضررة جزئياً جراء القصف الإسرائيلي معرضة للانهيار في أي لحظة بفعل الأمطار والرياح، مشيراً إلى أن هذه المباني تشكل خطراً مباشراً على حياة مئات آلاف الفلسطينيين الذين لم يجدوا أي ملجأ.
وقد سبق أن شهد المنخفض الأول انهيار 13 مبنى على الأقل على رؤوس ساكنيها، أثناء محاولتهم الاحتماء من الأمطار والبرد، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
ويشكل هذا الوضع خرقاً صريحاً للقوانين الدولية التي تضمن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، بما في ذلك الحق في الحياة، والصحة، والمسكن الآمن، وحق الأطفال في الحماية من الكوارث الطبيعية والصراعات.
ويُعد منع الاحتلال إدخال مواد الإيواء الأساسية وخدمات الإغاثة الإنسانية انتهاكاً للالتزامات المترتبة عليه بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية.
وتأتي هذه الكارثة وسط تباطؤ المجتمع الدولي في محاسبة الاحتلال على الانتهاكات المستمرة، فيما يزداد المدنيون في غزة معاناةً مضاعفة بين تداعيات القصف والحصار، والكوارث الطبيعية التي تكشف هشاشة البنية التحتية والافتقار إلى حماية حقيقية للمدنيين.





























