قُتل ثلاثة مواطنين فلسطينيين، صباح الأحد، جراء استهداف قوات الاحتلال حي الشجاعية شرق مدينة غزة، في واقعة تُسلّط الضوء مجددًا على واقع الحماية الهشّة للمدنيين في المناطق السكنية المكتظة داخل القطاع.
وبحسب معطيات طبية؛ قُتل أحد المواطنين إثر استهداف تجمع مدني بقنبلة أُلقيت من طائرة مُسيّرة، فيما قُتل مواطنان آخران جراء غارة جوية قرب محطة الشوا للمحروقات في شارع المنصورة.
وبهذه الحادثة؛ ارتفعت حصيلة القتلى والإصابات منذ 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى 404 قتلى و1,108 مصابين.
ويُعد حي الشجاعية من أكثر أحياء غزة كثافة سكانية، ويضم مناطق سكنية متلاصقة وبنية تحتية تضررت بشدة خلال الأشهر الماضية. واستهداف مثل هذه المناطق يضع السكان المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، في دائرة خطر دائم، ويضاعف احتمالات وقوع خسائر بشرية، حتى في الحالات التي لا تكون فيها أهداف عسكرية واضحة.
ويشكل حق الإنسان في الحياة حجر الأساس في منظومة حقوق الإنسان، ولا يجوز المساس به تعسفًا تحت أي ظرف. كما يفرض القانون الدولي الإنساني التزامًا صارمًا بحماية المدنيين، ويُحرّم توجيه الهجمات ضدهم أو ضد الأعيان المدنية، بما في ذلك الشوارع العامة ومحطات الوقود والمناطق السكنية.
كذلك؛ فإن استخدام الطائرات المسيّرة والأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة يثير مخاوف جدّية بشأن احترام مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ومبدأ التناسب، وواجب اتخاذ الاحتياطات الكافية لتقليل الأضرار العرضية. وهذه المبادئ لا تُعد خيارات، بل التزامات قانونية تهدف إلى الحد من المعاناة الإنسانية.
ولا تقتصر آثار هذه الهجمات على عدد القتلى والمصابين، بل تمتد إلى تداعيات نفسية واجتماعية عميقة، في ظل خوف دائم يعيشه السكان، وعجز المنظومة الصحية المنهكة عن الاستجابة الكاملة للاحتياجات المتزايدة. كما يُفاقم استهداف محيط المرافق الحيوية من أزمة الوقود والإسعاف والخدمات الأساسية.
وتأتي هذه الحادثة في سياق حرب واسعة النطاق بدأت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأسفرت عن نحو 71 ألف قتيل فلسطيني وأكثر من 171 ألف جريح، إضافة إلى دمار هائل طال المساكن والبنية التحتية، مع تقديرات أممية تشير إلى أن كلفة إعادة الإعمار تتجاوز 70 مليار دولار. وتعكس هذه الأرقام حجم الانتهاكات المتراكمة للحقوق الأساسية للسكان المدنيين، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والصحة، والسكن الآمن.
وتُبرز واقعة الشجاعية مجددًا الحاجة الملحّة إلى ضمان حماية فعليّة للمدنيين، واحترام القواعد الآمرة للقانون الدولي الإنساني، ومنع الإفلات من المساءلة عن الأفعال التي تُفضي إلى قتل المدنيين أو تعريض حياتهم للخطر. فاستمرار سقوط الضحايا في الأحياء السكنية يُعد مؤشرًا خطيرًا على عمق الأزمة الحقوقية التي يعيشها قطاع غزة.























