في حلقة جديدة من سياسة الهدم المتواصلة التي تستهدف الوجود الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة؛ هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الإثنين، عمارة سكنية في حي واد قدوم بمنطقة رأس العامود في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، ما أسفر عن تشريد عشرات المواطنين الفلسطينيين.
وأفادت مصادر محلية بأن العمارة المهدومة كانت تضم 13 شقة سكنية، وتؤوي نحو 100 مواطن، بينهم نساء وأطفال، حيث اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال الحي منذ ساعات الصباح الباكر، وفرضت طوقًا عسكريًا مشددًا على المنطقة، ترافقها عدة جرافات، قبل الشروع بعملية الهدم.
وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على عدد من السكان خلال محاصرتها للبناية، وعرقلت محاولات الأهالي إخراج مقتنياتهم، كما اعتقلت شابًا وفتى من محيط المكان أثناء تنفيذ عملية الهدم.
ويأتي هذا الهدم بذريعة “عدم الترخيص” في ظل واقع تفرض فيه سلطات الاحتلال قيودًا مشددة وشبه مستحيلة على حصول الفلسطينيين في القدس المحتلة على تصاريح بناء، ما يجعل آلاف المنازل والمنشآت مهددة بالهدم في أي وقت. ويُنظر إلى هذه الذريعة باعتبارها أداة إدارية تُستخدم لتكريس واقع قسري، لا يوفر بدائل سكنية ولا يراعي النمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين.
ويُعد هدم المنازل وتشريد سكانها في أرض محتلة انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر التدمير الواسع للممتلكات الخاصة ما لم تفرضه ضرورة عسكرية ملحّة، وهو ما لا ينطبق على عمليات الهدم ذات الطابع الإداري أو التخطيطي. كما يتعارض ذلك مع الحق الأساسي في السكن الآمن، ويمس بشكل مباشر الكرامة الإنسانية والاستقرار الاجتماعي للأفراد والعائلات المتضررة.
وتندرج عمليات الهدم في القدس المحتلة ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني، عبر دفع السكان إلى الرحيل القسري، مقابل توسيع المستعمرات وتعزيز السيطرة الديموغرافية للاحتلال على المدينة ومحيطها. ويؤدي هذا النهج إلى إحداث تغيير قسري في التركيبة السكانية، في مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي التي تحظر نقل السكان قسرًا أو إحداث تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة.
وتتزامن هذه الانتهاكات مع تصعيد واسع تشهده الضفة الغربية المحتلة، حيث تتواصل هجمات جيش الاحتلال والمستوطنين على المواطنين وممتلكاتهم، في سياق عام يتسم بتصاعد استخدام القوة، وارتفاع أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين، وسط غياب أي مساءلة حقيقية عن الانتهاكات المرتكبة.
ويؤكد استمرار عمليات الهدم أن ما يجري في القدس ليس إجراءات فردية معزولة، بل سياسة متكاملة تستهدف الأرض والإنسان معًا، وتضع آلاف العائلات الفلسطينية أمام خطر التشريد الدائم، في ظل واقع قانوني قسري يفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة والحماية.























