تواصل السلطات الأردنية استهداف النشطاء المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني، خاصة أثناء العدوان على قطاع غزة، مستخدمةً القضاء لإصدار أحكام على أساس النية، أو التخطيط دون وقوع أي عمل فعلي.
وفي أحدث هذه الإجراءات؛ أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمها اليوم بالسجن لمدة ثماني سنوات على أربعة أشخاص، بينهم الأسير الأردني المحرر وائل عرفة وشقيقه رمزي، إضافة إلى ليث محمود الجمال وعمار إبراهيم الموسى.
وجاء الحكم بعد إدانتهم بتهمة “تعريض أمن الدولة لأعمال عدائية، وتعكير العلاقات مع دول أجنبية”، على خلفية تفكيرهم في عبور الحدود خلال العدوان على غزة، وتخطيطهم لعملية ضد الاحتلال في الضفة الغربية بعد تأمين الأسلحة.
ويثير هذا الحكم مخاوف حقوقية وقانونية جادة، فهو يعتمد على النية دون وقوع أي عمل فعلي، مما يوسع مفهوم التجريم ويهدد الحريات الأساسية.
ومن منظور قانوني؛ يحتاج تجريم “تعكير العلاقات مع دول أجنبية” إلى حدود واضحة ومحددة، وإلا فإنه يتحول إلى أداة سياسية لمعاقبة أي نشاط يعبر عن تضامن أو رأي مع شعوب أخرى، وهو ما يتعارض مع مبادئ حرية التعبير وحرية الفكر المكفولة دستورياً ودولياً.
كما أن ظروف الاحتجاز والتحقيق في مثل هذه القضايا تثير أسئلة إضافية، خصوصًا في ظل سجل اتهامات بممارسات تعذيب وحرمان من حقوق المعتقلين الأساسية في سجون الأمن الأردنية، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة، الوصول إلى محامٍ، وحماية المتهمين من الضغوط أو انتزاع الاعترافات بالإكراه.
ويشكل الحكم استمرارًا لسياسة تضييق الخناق على النشاط المدني والسياسي، واستهداف الأفراد بسبب مواقفهم التضامنية مع القضايا الإنسانية، بدلًا من التركيز على حماية أمن الدولة وفق معايير قانونية عادلة وشفافة.
ويستوجب الحكم الصادر على النشطاء الأربعة إعادة النظر فيه فورًا، لما يمثله من انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وتهديد لحرية التعبير والتضامن مع القضايا الإنسانية. كما يستدعي وضع حد لاستخدام قوانين “أمن الدولة” كأداة لتجريم الرأي السياسي والنشاط المدني، وضمان محاكمات عادلة تحترم المعايير القانونية والدستورية والدولية، بما يحفظ التوازن بين الأمن الوطني وحقوق الأفراد.


























