في واقعة تمثل انتهاكاً جسيماً للحق في الحياة ولمبادئ سيادة القانون؛ توفي المواطن أحمد سليمان عيد المسعودي (55 عاماً) داخل أحد مقار جهاز الأمن الوطني بمحافظة الشرقية.
وكان المسعودي، وهو تاجر من قرية البساتين التابعة لمركز بلبيس، قد فُقد منذ 11 نوفمبر الماضي، عقب صدور قرار قضائي واجب النفاذ بإخلاء سبيله مع اتخاذ تدابير احترازية. إلا أن القرار لم يُنفذ، وجرى احتجازه خارج أي إطار قانوني، دون عرضه على جهة تحقيق، ودون تمكينه من التواصل مع أسرته أو محاميه، في مخالفة صريحة للضمانات الدستورية الأساسية.
وأُبلغت الأسرة، السبت الفائت، بوفاته داخل أحد المقار الأمنية، بعد فترة اختفاء كاملة لم يُكشف خلالها عن مكان احتجازه أو حالته الصحية. وتسلمت الأسرة الجثمان عقب إنهاء الإجراءات الرسمية، وجرى دفنه فجر اليوم التالي.
وتُظهر الوقائع أن المسعودي كان محتجزاً فعلياً رغم صدور قرار قضائي بالإفراج عنه، وهو ما يُعد احتجازاً تعسفياً وإخفاءً قسرياً وفق المعايير القانونية، ويجرد الاحتجاز من أي مشروعية قانونية. فتنفيذ قرارات الإفراج ليس سلطة تقديرية، بل التزام قانوني مباشر، وأي امتناع عنه يشكل جريمة قائمة بذاتها.
وكان المسعودي يعاني من تدهور صحي خطير منذ سنوات، ومع ذلك استمر احتجازه وتدويره في قضايا متلاحقة منذ عام 2015، رغم صدور عدة قرارات سابقة بإخلاء سبيله. ويمثل حرمانه من الرعاية الطبية اللازمة، مع احتجازه في مكان غير معلن، إخلالاً جسيماً بواجب الدولة في صون حياة الأشخاص الواقعين تحت سيطرتها.
وبموجب القوانين الوطنية والمواثيق الدولية الملزمة؛ تتحمل السلطات المسؤولية الكاملة عن أي ضرر أو وفاة تقع داخل أماكن الاحتجاز، سواء نتجت عن التعذيب، أو الإهمال الطبي، أو ظروف الاحتجاز غير الإنسانية، ولا تنتفي هذه المسؤولية بغياب إعلان رسمي عن مكان الاحتجاز.
وتفرض وفاة أحمد المسعودي داخل مقر أمني بعد فترة اختفاء قسري، مسؤولية قانونية كاملة عن ظروف احتجازه وملابسات وفاته، وتستوجب فتح تحقيق جدي وشفاف يحدد المسؤوليات الفردية والمؤسسية، ويضمن عدم الإفلات من العقاب.
وتبقى هذه القضية نموذجاً صارخاً لنتائج الاحتجاز خارج القانون، ولخطورة تعطيل قرارات الإفراج، وللآثار القاتلة للإهمال الطبي داخل أماكن الاحتجاز، بما يستدعي معالجة جذرية تضمن احترام الكرامة الإنسانية وسيادة القانون دون استثناء.




























