عاد التوتر ليخيّم بقوة على الأوضاع داخل سجن بدر 3، في ظل حالة احتقان متصاعدة بين المعتقلين وإدارة السجن، على خلفية ما وصفه ذوو المعتقلين ومصادر مطلعة بسلسلة من الانتهاكات والإجراءات التعسفية، كان آخرها اعتداء لفظي وإهانة أحد المعتقلين داخل قطاع 4.
وبحسب المعلومات المتطابقة؛ وقعت الواقعة عندما أقدم ضابط برتبة رائد يُدعى أحمد صبحي على توجيه سبّ وإهانة بالغة لأحد المعتقلين، تضمنت إساءة للأم، ما أثار غضب زملائه داخل القطاع. وعلى إثر ذلك؛ قام المعتقلون في قطاع 4 بتغطية كاميرات المراقبة احتجاجًا على ما جرى، معتبرين ما حدث تجاوزًا صارخًا للكرامة الإنسانية.
ولاحقًا؛ حضر إلى القطاع رئيس باحثي المصلحة وعدد من عناصر أمن السجن، حيث وُجهت تهديدات مباشرة للمعتقلين، أعقبها اتخاذ إجراءات وُصفت بالتعسفية، شملت التضييق والعقاب الجماعي. وتطور الموقف سريعًا ليشمل جميع قطاعات سجن بدر 3، إذ أعلن المعتقلون الامتناع عن “التعيين” (استلام الوجبات)، وقاموا بتغطية كاميرات السجن كافة، في خطوة احتجاجية جماعية.
ويشير المعتقلون إلى أن تحركاتهم الاحتجاجية لا ترتبط فقط بالواقعة الأخيرة، بل تأتي في سياق أوسع من الاعتراض على ما يصفونه بالإهمال الطبي المتكرر داخل السجن، والذي أدى – بحسب تأكيداتهم – إلى وفاة أكثر من أربعة معتقلين داخل سجن بدر 3 وحده خلال عام واحد.
وقام المعتقلون بالطرق على أبواب الزنازين عقب الأذان في الصلوات الخمس، وترديد هتافات تطالب بالحرية واحترام الحقوق الأساسية، إلى جانب تعليق لافتات على أبواب الزنازين تعبّر عن مطالبهم وتحذر من تصعيد مستمر في حال عدم الاستجابة.
وفي سياق متصل؛ أفادت المعلومات بأن إدارة سجن بدر 3 تمارس أشكالًا مشددة من التضييق بحق معتقلي قطاع 2، الذي يضم عددًا من قيادات المعارضة السلمية، حيث يُمنعون من الزيارات والتريض، كما يُحظر عليهم إدخال الأطعمة أو الرسائل من ذويهم منذ سنوات طويلة. وتشير المعطيات إلى أن هذه الفئة خاضت عدة إضرابات عن الطعام خلال الأعوام الماضية دون أن تسفر عن أي تغيير ملموس في أوضاعهم، ما انعكس سلبًا على أوضاعهم الصحية والنفسية.
وتتزامن هذه التطورات مع الإعلان عن ثلاث حالات وفاة جديدة خلال يومين فقط داخل السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، وهم: طارق حسين من محافظة الإسكندرية، وأحمد المسعودي من محافظة الشرقية، وعطا يوسف عبد اللطيف من محافظة أسيوط.
وتُعد حماية كرامة المحتجزين وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية من المبادئ المستقرة في القانون الدولي والمعايير الإنسانية العامة، حيث يُفترض أن يكون الاحتجاز تدبيرًا مقيدًا للحرية فقط، لا أداة للعقاب أو الإهانة. وتشمل هذه المبادئ حظر الإساءة اللفظية والبدنية، ورفض العقاب الجماعي، ووجوب توفير الرعاية الطبية الملائمة دون تمييز أو إهمال، فضلًا عن حق المحتجزين في التواصل مع ذويهم وفي ظروف احتجاز إنسانية.
كما يُنظر إلى منع الزيارات لفترات طويلة، وحرمان المحتجزين من التريض أو من احتياجاتهم الأساسية، بوصفه عوامل تؤدي إلى تدهور خطير في الصحة الجسدية والنفسية، وقد تُفضي – في حال استمرارها – إلى نتائج مأساوية، من بينها الوفاة. فيما تؤكد الأعراف الإنسانية أن الدولة تتحمل مسؤولية مباشرة عن حياة كل شخص رهن الاحتجاز، وأن أي وفاة داخل أماكن الاحتجاز تستوجب الشفافية والمساءلة وضمان عدم التكرار.
ولا تزال الأزمة داخل سجن بدر 3 مفتوحة على مزيد من التصعيد، في ظل غياب مؤشرات واضحة على احتواء التوتر أو الاستجابة لمطالب المعتقلين، بينما تتزايد المخاوف من تداعيات إنسانية أشد في حال استمرار الأوضاع على حالها.



























