القضاء المصري حكم على من نجا من القتل في الاعتصام بأحكام قاسية وصلت إلى الإعدام والسجن المؤبد
صمت المجتمع الدولي على المجزرة شجع النظام على ارتكاب المزيد من المجازر والجرائم
في الذكرى السادسة لمجزرة فض اعتصامات رابعة العدوية وميدان النهضة وعدد من الميادين في المحافظات المصرية الأخرى بتاريخ 14/8/2013، ما زال مرتكبي الجريمة مفلتين من العقاب بشكل كامل، بينما يُحاكم الضحايا وذويهم ويواجهوا عقوبات قاسية وصلت إلى الإعدام والسجن المؤبد.
قبل ست سنوات أقدم الأمن المصري على ارتكاب أكبر جريمة قتل جماعي في التاريخ المصري الحديث، في فض اعتصامات معارضي السلطات المصرية في أعقاب الثالث من يوليو/تموز 2013 والذي نتج عنها مقتل أكثر من 1100 شخص بينهم نساء وأطفال بطرق وحشية، بالإضافة إلى إصابة واعتقال الآلاف بينهم 37 شخص على الأقل في عداد المفقودين لم يتم إجلاء مصيرهم أو تمكينهم من التواصل مع أسرهم حتى الآن.
كافة الشهادات والمشاهد المصورة والتقارير الطبية الرسمية، وتصاريح الدفن، بالإضافة إلى أعداد القتلى ونوع الإصابات في أجساد المصابين وجثامين القتلى – أغلب الإصابات في الرأس والقلب ـ أفادت بتعمد الأمن استخدام القوة المميتة في مواجهة المعتصمين، وليس فقط فض الاعتصامات السلمية في تلك الميادين بشكل آمن كما زعم الإعلام المصري حينها.
قرار النظام المصري ارتكاب تلك المجزرة اتخذ بعد حملات تحريضية ضخمة في وسائل الإعلام المصرية، المرئية والمقروءة والمسموعة الموالية للسلطة، والتي قامت بشيطنة المعتصمين ووسمهم بالإرهاب تماشياً مع تصريحات رسمية صدرت عن مسؤولين رسميين، بهدف التمهيد للجريمة واحتواء أي غضب شعبي قد ينتج عنها لاحقا.
السلطة القضائية المصرية شاركت بشكل مباشر في الجريمة، حيث امتنعت منذ بداية أحداث الثالث من يوليو/ تموز 2013 وحتى الآن عن تحريك أي دعوى جنائية أو تحقيق قضائي في أي من عمليات القتل الجماعي التي تمت في تلك الفترة، بالإضافة إلى إصدارها قرار الفض بتاريخ 31 يوليو/تموز 2013 عن طريق النائب العام المصري السابق هشام بركات بعد ساعات من تقديم طلب بذلك من وزارة الداخلية المصرية.
بعد مرور ست سنوات على تلك الجريمة لم تفلح كافة محاولات الضحايا أو أسرهم للحصول على الانتصاف القانوني، حيث لم تقم أي جهة محلية أو دولية بتحقيق جاد، ولم توجه أي تهمة إلى فرد أمن واحد من الذين تسببوا في مقتل المئات، بل على العكس وجهت الاتهامات جزافا إلى من تعرض للاعتقال من المعتصمين وحُملوا جرائم قتل رفاقهم في الاعتصام، في القضية رقم 34150 لسنة 2015 جنايات أول والتي بلغ عدد المتهمين فيها 739 وفقاً لقرار الإحالة، وبعد نحو خمس سنوات من المحاكمة تم إحالة أوراق 75 متهماً منهم في 28 يوليو/ تموز 2018 للمفتي لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، وفي جلسة 08 سبتمبر/أيلول 2018 تم الحكم بإعدام 75 شخصا، والسجن المؤبد (25 عاما) على 47 آخرين، أبرزهم مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، والسجن 15 عاما على 374 متهما، وخمس سنوات على 215 آخرين، من بينهم المصور الصحفي محمود أبوزيد الشهير بـ”شوكان”.
بهدف الالتفاف على المطالبات الدولية بفتح تحقيق في الجريمة قام النظام المصري بتشكيل لجنتين محليتين للتحقيق في الأحداث إحداها من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ مؤسسة شبه حكومية ـ والأخرى شكلت بقرار رئاسي للتحقيق في الأحداث إلا أنه وبعد صدور تقارير اللجنتين تبين أنهما لم تشكلا إلا لغسل جرائم النظام ولإسكات المطالبات المحلية والدولية لملاحقة المسؤولين عنها وبالتالي تعزيز الإفلات الكامل من العقاب حيث انتهى كلا التقريرين إلى تحميل المعتصمين مسؤولية الجرائم التي وقعت، بينما اقتصرت انتهاكات الشرطة على أخطاء إدارية وإجرائية.
طوال ست سنوات فشلت الأمم المتحدة كذلك باتخاذ أي إجراء للتحقيق في هذه الجريمة وتقلصت المطالبات الدولية تدريجيا بفتح تحقيق في تلك الجريمة، وبعد الاستنكار الدولي للمجزرة عادت العلاقات تباعا مع النظام المصري على الرغم من استمراراه في مساره الدموي واقدامه على ارتكاب المزيد من الجرائم كل يوم.
إن الصمت الدولي مكن المسؤولين عن هذه المجزرة من الإفلات من العقاب وشجع هؤلاء على ارتكاب المزيد من الجرائم التي لم تتوقف منذ الثالث من تموز وحتى يومنا هذا بهدف سحق المعارضة وإسكات أي صوت يدعو للتغيير أو الإصلاح.
إن مجزرة رابعة والنهضة وما تبعها من عمليات قتل جماعي واعتقالات تعسفية تشكل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي سكت حيث يحرم السكوت ولم يقم بما يلزم لتحقيق العدالة وردع هذا النظام المستمر في سفك دماء المصريين تحت مظلة وهمية تدعى الإرهاب.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو كافة منظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم للضغط على حكوماتهم من أجل أن تتخذ مواقف صارمة تجاه هذا النظام الذي ارتكب أفدح الجرائم ولا زال أركانه يفلتون من العقاب.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو مجددا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق كاملة الصلاحيات للكشف عن الجرائم التي ارتكبت في مصر في أعقاب الثالث من يوليو/ تموز 2013 وحتى الآن ومحاسبة المسؤولين عنها.