يُشكّل فصل الشتاء عبئا ثقيلا على اللاجئين السوريين في لبنان، إذ يجدون أنفسهم تحت سطوة برد قارس وعواصف عاتية، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة زادتها أزمة كورونا صعوبة.
ويقول طارق زهوان من مخيّم “برّ إلياس” في البقاع اللبناني، إنه “منذ أزمة كورونا ونحن لا نعمل، والأوضاع صعبة جدا هنا”، مضيفاً: “خيامنا في فصل الشتاء بحاجة إلى تأهيل سواءً بالشوادر أو بالخشب، والأهم من ذلك يجب تأمين مادّة المازوت (وقود للتدفئة) بسبب البرد”.
وتابع: “لا أحد يستطيع أن يؤمّن كلّ ذلك، فنحن نعيش من دون مادّة المازوت ومن دون حطب وأغطية شتويّة”.
وتقول سلمى السلام (45 عاماً) التي هربت من سوريا خوفاً من البراميل المتفجّرة التي يقصف بها النظام الأحياء السكنيّة: “أحياناً ننام من دون تناول وجبة العشاء”، مضيفة: “نعيش في حالة قاسية جداً، أولادنا بحاجة للطعام، ولكنّ لا نملك أي شيء، خاصة في مخيمنا”.
وتابعت: “سجلنا أسماءنا على لائحة المساعدات، ولكنّ للأسف الشديد يكون الردّ: نحن لسنا مسؤولين عنكم”.
أما فاتن الخلاوي (30 عاماً) فقد اختصرت الحال في مخيّم “برّ إلياس” بالقول إن “الشتاء بارد جدا هنا ووضعنا سيء، لا سيّما وأنّنا نعيش في الخيام”.
ولا تختلف معاناة “أم أحمد الدبوق” (45 عاماً) عما تواجهه فاتن، حيث قالت: “العيش في لبنان بات صعبا جدا، نحن بحاجة للكثير، لكنّ لا أحد ينظر إلى أحوالنا”، داعية المنظمات إلى إعادة النظر بأحوالهم “القاسية”.
من جهتها؛ وصفت “أم عمر” (27 عاماً) الحالة التي تعيشها بـ”المأساوية”.
وأضافت: “لا طعام لا مازوت لا أغطية، وبالإضافة إلى كل ذلك المجارير (مياه الصرف غير المعالجة) تفيض علينا.. حالتنا إن صحّ التعبير يمكن القول عنها بالعاميّة بهدلة (يرثى لها)”.
ويعاني لبنان، منذ أكثر من عام، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975- 1990) أدت إلى انهيار مالي، فضلا عن خسائر مادية كبيرة تكبدها البنك المركزي. ويرافق ذلك انهيار متواصل للعملة المحلية، في ظل فرضية قوية بتوجه السلطات إلى رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والوقود والدواء.
ويبلغ سعر الدولار الواحد في السوق غير الرسمية 8100 ليرة، مقابل 1507.5 ليرة في السوق الرسمية، بينما يبلغ متوسط السعر المدعوم من المصرف المركزي 3200 ليرة.
من جانبها؛ قالت الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، في تصريحات لوكالة الأناضول، إن “المفوضيّة تعمل جاهدة مع جميع الشركاء والجهات المانحة لضمان حصول الأسر المحتاجة على الدعم الذي تحتاج إليه لتخطي هذه الأوقات العصيبة”.
واستدركت: “نظرا إلى التمويل المتاح للمساعدات الإنسانية، لا يمكننا الوصول سوى إلى 31 بالمئة من العدد الإجمالي لعائلات اللاجئين السوريين عبر برنامج الدعم النقدي المتعدد الأغراض والدعم الغذائي الشهري، و17 بالمئة آخرين عبر برنامج المساعدات الغذائية”.
وزادت: “حاولنا توسيع نطاق شبكة الأمان قدر الإمكان هذا العام للوصول إلى المزيد من العائلات، غير أن ذلك لا يزال غير كافٍ إلى حد كبير”.
وعن نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر، أجابت: “88 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون اليوم تحت خط الفقر المدقع، الأمر الذي شكّل ارتفاعاً مقارنة بنسبة العام الماضي البالغة 55 بالمئة.”
ويتعرّض لاجئون سوريون لانتهاكات مختلفة في لبنان تصل إلى حدّ العنصريّة، لا سيّما في ظل قتال جماعة “حزب الله” اللبنانية بجانب قوات نظام بشار الأسد في سوريا، ضمن الحرب الدائرة منذ عام 2011.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون، في مناسبات عديدة، إلى البحث عن “حل سريع” يحقق عودة اللاجئين السوريين، محذرا من أن “تداعيات (وجود) اللاجئين كبّدت لبنان خسارة كبيرة، ولم يعد قادراً على تحمّل المزيد”.
وبحسب المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ يعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجلين لديها، بينما تقدر الحكومة اللبنانية عددهم بـ1.5 مليون لاجئ، 74 بالمئة من هؤلاء يقيمون بطريقة غير شرعية، بحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية عن عام 2018.