الاستعراض الدوري الشامل لملفات الدول ثبت من التجربة أنه لم يأت بأي نتيجة تذكر
على الجمعية العامة إيجاد آلية جادة لمراجعة ملفات الدول الحقوقية
لا نتوقع الكثير من الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الانسان في المملكة العربية السعودية الذي يستعرضه مجلس حقوق الانسان في ظل الآلية الحالية التي تسمح لدول أوغلت في انتهاكات حقوق الإنسان لتبدي رأيها وتراقب ملف دولة أخرى في ذات المستوى من الانتهاكات أو أكبر.
في الاستعراض الحالي تعد المملكة العربية السعودية واحدة من 14 دولة يقوم الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل بمراجعة سجلها خلال دورته الحالية التي بدأت أمس وتنتهي في16 تشرين الثاني وقد كان أجري الاستعراض الدوري الشامل الأول والاستعراض الدوري الشامل الثاني الخاصان بالمملكة العربية السعودية في شباط 2009 وتشرين أول 2013 على التوالي.
هذا ليس الاستعراض الدوري الأول لدولة مثل السعودية ففي كل دورة كانت هناك تقارير تتحدث عن انتهاك الحريات العامة والاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات التعسفية والإعدام وغيره من الجرائم الخطيرة، في هذه الدورة هل تغير شيء؟ لم يتغير شيء بل ازداد الملف قتامة وأضيفت إليه جريمة القتل والتقطيع والإذابة بالأسيد لصحفي انتقد سياسات النظام.
رغم حادثة القتل المروعة للصحفي جمال خاشقجي في قنصلية النظام السعودي في اسطنبول واستحواذ القضية على اهتمام عالمي إلا أن الموقف في مجلس حقوق الانسان يتسم بالنفاق من أغلب الدول كما حدث في استعراض ملف السعودية ذاتها في دورتين سابقتين وملفات دول معروفة بارتكابها جرائم خطرة مثل الإمارات ومصر.
معظم الانتقادات للملف الحقوقي في السعودية جاءت أمس من دول أوروبية وكندا وأستراليا أما باقي الدول الإسلامية والعربية ومن في ركابها من الأنظمة الدكتاتورية كانت مادحة لملف السعودية الحقوقي.
أولئك الذين يتبادلون الوهم مع النظام السعودي مختارين أم مكرهين لن يستطيعوا أن يقنعوا أحد بأن الوضع الحقوقي في السعودية على ما يرام وأن النظام السعودي ليس مسؤولا عن قتل وتقطيع صحفي في القنصلية، وأن النظام السعودي لم يعتقل مفكرين ونشطاء رجالا ونساء ويعرضهم على محاكم صورية وأن النظام السعودي لم يرتكب أفظع الجرائم في حربه على اليمن وأن النظام السعودي لم يسيس الحج والعمرة ويكفي هذه الدول أن ملفاتها محملة بمظالم تنوء بحمله الجبال.
المعضلة الكبرى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تفتخر بالاستعراض الدوري الشامل وتعتبره فرصة لوضع الدول على قدم المساواة في مناقشة ملفاتها الحقوقية من أجل تحسين الوضع الحقوقي في الدول المعنية والواقع يثبت أن الاستعراض الدوري لأوضاع الأنظمة الدكتاتورية لم يأت بنتيجة تذكر بل أن هذه الدول بقيت تسير على ذات النهج هذا إن لم تتغول أكثر.
لقد وجدت الأنظمة الدكتاتورية في الاستعراض الشامل فرص لصرف جرائمها وتحويلها إلى دعاية وتبييضها بمديح ثم توصيات خجولة لا ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة في الدولة المعنية.
لقد آن الأوان أن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بإيجاد آليه أخرى بعد أن ثبت فشل الآليات المعتمدة لمراجعة ملفات الدول الحقوقية، آليه تتسم بالجدية والمحاسبة لوضع حد للجرائم المرتكبة بحق النشطاء والمواطنين.