اعتقال المدنيين في سوريا
وثق تقرير حقوقي اعتقال أكثر من 1800 شخص في سورية خلال عام 2020، على يد أطراف النزاع في سورية، معظمها من جانب النظام السوري.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 1882 شخصاً اعتُقلوا العام الماضي، بينهم 52 طفلاً و39 سيدة، مشيرة إلى أن معظم حوادث الاعتقال تحصل دون مذكرة قضائية، وخاصة لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة، هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية.
وأضافت أن المعتقل يتعرض للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه، في الوقت الذي تنكر فيه السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التعسّفي، مما يحوّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسراً.
وأكد التقرير أن قوات النظام السوري استهدفت في عام 2020 بعمليات الاعتقال والملاحقة، بشكل أساسي، الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي وقّعت اتفاقات تسوية مع قوات النظام السوري.
وتابع: “تركّزت الاعتقالات في محافظتي ريف دمشق ودرعا، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية، استهدفت المدنيين وعمّال سابقين في منظمات إنسانية، ونشطاء في الحراك الشعبي، ومنشقّين عن قوات النظام السوري”.
وأشار إلى أنّ ما لا يقل عن 307 حالات اعتقال كانت بحقّ أشخاص قد أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية.
وأضاف التقرير أن المناطق التي استعادت قوات النظام السوري السيطرة عليها، إثر عملياتها العسكرية في عام 2020 في أرياف محافظات حلب وإدلب وحماة، شهدت عمليات اعتقال استهدفت المدنيين الذين بقوا في منازلهم ولم ينزحوا. وكان أعلى معدل لحصيلة الاعتقالات بحسب التقرير في فبراير/شباط الماضي، بعد استعادة قوات النظام السوري السيطرة على مناطق في ريفي إدلب وحماة.
وبين التقرير أن النظام السوري التفّ على الضغوط الخارجية مع بدء تفشي جائحة كورونا، من أجل الكشف والإفراج عن عشرات آلاف المعتقلين، خوفاً من انتشار الفيروس بين صفوفهم، عبر إصداره مرسوم عفو في 22 مارس/ آذار، مضيفاً أنّ النظام يتلاعب بنصوص المراسيم، وتطبيقها، وهو بحاجة إلى قرابة 325 سنة للإفراج عن المعتقلين على خلفية الحراك السياسي ضدّه إذا بقي على هذه الوتيرة من الإفراجات.
وعرض التقرير حصيلة ما وُثِّق في غضون الشهرين التاليين لمرسوم العفو الأخير، مشيراً إلى أنّ حصيلة حالات الاعتقالات كانت أعلى من حصيلة المُفرج عنهم خلال هذه الفترة، فضلاً عن وفاة 30 مواطناً بسبب التعذيب في هذين الشهرين.
وأشار إلى أن العام المنصرم شهد منذ بدايته عمليات اعتقال استهدفت العائدين من مناطق نزوحهم إلى مناطقهم الأصلية، التي تسيطر عليها قوات النظام، إضافة إلى استهدافها العديد من العائدين من لبنان بشكل غير قانوني إلى مدنهم، ووجّهت إليهم تهم الإرهاب.
وأوصى التقرير بعدم عودة اللاجئين أو النازحين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، لعدم وجود أية ضمانات حقيقية بعدم الاعتقال أو التعذيب أو الإخفاء القسري أو التجنيد الإلزامي، مسجلاً ما لا يقلّ عن 156 حالة اعتقال بحق العائدين، من بينها 89 حالة اعتقال استهدفت العائدين من خارج سورية.
وأوضح أن قوات النظام السوري لم تتوقف في عام 2020 عن ملاحقة المواطنين السوريين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم، وطالت الملاحقات والاعتقالات التعسفية عدداً من المواطنين السوريين لمجرد انتقادهم تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري.
وتابع: “كان من بينهم محامون ومدرّسون احتجزتهم قوات النظام عبر مداهمة منازلهم وأماكن عملهم. وشهدَ العام عمليات اعتقال وملاحقة بحقّ مواطنين، على خلفية مشاركتهم في مظاهرات وأنشطة معارضة للنظام السوري في محافظة السويداء، من بينهم طلاب جامعيون، إضافة إلى اعتقال مدنيين على خلفية صلات قربى تربطهم بمساهمين في الحراك الشعبي المناوئ للنظام”.
وكشف عن أن قوات النظام السوري أقدمت على اعتقالات بحق الأشخاص المتنقّلين والمسافرين إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها عبر نقاط تفتيشها، إضافة إلى عمليات اعتقال جرت بسبب إجراء اتصالات هاتفية مع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ولم تستثنِ الأطفال والنساء وكبار السن.
وبحسب التقرير؛ فقد سُجّل في عام 2020 حوادث اعتقال بحق أشخاص عاملين في مجال الصرافة وتحويل العملات، وتهدف عمليات الاحتجاز هذه غالباً إلى ابتزازهم مادياً بهدف الحصول على مبالغ طائلة مقابل الإفراج عنهم، وطالت عمليات الاعتقال عدداً من المعتقلين الذين أفرج عنهم في أشهر سابقة، بذرائع مختلفة، كإتلاف وثائقهم الشخصية أو عدم حصولهم على ورقة كفّ البحث أو لأجل سوقهم إلى الخدمة العسكرية.
ولفت التقرير إلى أن المحتجزين لدى قوات النظام السوري يتعرّضون لأساليب تعذيب غاية في الوحشية، ويُحتجزون ضمن ظروف صحية شبه معدومة، وتفتقر إلى أدنى شروط السلامة الصحية، مشيراً إلى أنّ هذا تكتيك متّبع من قبل النظام السوري على نحو مقصود بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، ثم يُهمل علاجهم بعدها، حتى يتعذّب المُعتقل إلى أن يموت.
وأكد أن قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أي تقدّم يُذكر، على الرغم من تضمينها في قرارات عدّة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة.
اقرأ أيضًا: دراسة: غالبية اللاجئين السوريين يخشون العودة إلى مناطقهم