نظام الأسد ينتقم من النازحين
بعد تضييق الخناق عليه بسبب عقوبات قيصر يبدو أن النظام السوري لم يجد وسيلة لجني المال وإنعاش اقتصاده إلا بارتكاب مزيد من الممارسات التنكيلية ضد النازحين واللاجئين السوريين الذين أجبرهم سابقاً على الفرار من منازلهم وضيق عليهم سبل العيش المختلفة بسبب الحرب التي يقودها في البلاد منذ حوالي 10 سنوات.
مؤخراً، أجرى النظام السوري تعديلاً على قانون الخدمة العسكرية السوري، بحيث يسمح للدولة بمصادرة أصول وممتلكات ملايين السوريين دون إشعار أو فرصة للاستئناف، وهو تعديل جديد على تعديل آخر تم إدخاله عام 2018 على المادة 10 سيئة السمعة، والتي بموجبها قام النظام بمصادرة وتدمير منازل وممتلكات المعارضين السوريين، في خطوة انتقامية بلا شك.
أعطت المادة السلطات المحلية سلطة بعمل مسح للعقارات الموجودة في مناطقها لإعادة توزيع الملكية، مع مطالبة أصحابها الحقيقيون بإثبات مليكتهم لهذه الأصول، وهو أمر مستحيل بسبب نزوح هؤلاء فراراً من أهوال الحرب وبطش النظام، لتنتزع ملكية هذه المنازل والممتلكات من أصحابها الغائبين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في الخارج، والذين تقدر أعدادهم بالملايين.
وينص التعديل القانوني الأخير على أن السوريين الذين تقل أعمارهم عن 43 عامًا والذين لم يقوموا بتأدية بالخدمة العسكرية، أو بمعنى أوضح أولئك الذين لم يقاتلوا مع النظام ضد الانتفاضة الشعبية، يتعرضون لغرامة قدرها 8000 دولار أمريكي، أو مصادرة ممتلكاتهم.
قبل هذا التعديل، كانت العقوبة المفروضة على السوريين الذين لم يؤدوا الخدمة العسكرية دفع غرامة مالية مشابهة فقط، ولم يكن يحق للدولة على مصادرة أصولهم دون إخطار أو استئناف.
بهذه السياسة، يحاول النظام السوري الانتقام من المعارضين أو اللاجئين الذين يعتبرهم خونة، وكذلك من المؤيدين الذين فضلوا الفرار أيضاً، ولم يواصلوا القتال إلى جانبه ضد المدنيين الذين دفعوا كلفة هذه الحرب دون ذنب أو جريرة سوى أنهم سوريون طمحوا إلى العيش في وطن حر وديموقراطي يحيط بهم السلام والرخاء من كل جانب.
من ناحية أخرى، يهدف النظام إلى تعزيز سلطته وترسيخ قواعده في تلك المناطق، وذلك من خلال إعادة توطين المناطق الاستراتيجية مع الموالين للنظام، وبالتالي كسب قاعدة شعبية جديدة.
أخيراً، إن عدم تأدية الخدمة العسكرية في جيش يتهمه العالم بارتكاب جرائم حرب لا تعد ذريعة ولا سبب مقنع لاستيلاء النظام على أصول وممتلكات الشعب السوري المغلوب على أمره، ولا يمكن وصفها إلا بأنها بلطجة نظامية، تشبه إلى حد كبير عمليات “وضع اليد” التي يتبعها الكثير من الغوغائيين الذين يعتمدون على القوة لانتزاع ما ليس لهم بسياسة الأمر الواقع.