شهد الشارع الجزائري أمس الجمعة (19 مارس/آذار)، وهي الجمعة 109 لتظاهرات الحراك الشعبي، تظاهرات شعبية واسعة النطاق، خرجت ضد النظام الحالي رفضاً لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/ حزيران المقبل، قبل تحقيق المطالب الأساسية التي قامت من أجلها الثورة، خاصة وأن قمع الصحافة بدأ في اتخاذ منحى أشد خطورة من ذي قبل.
بعد توقف مؤقت بسبب حالة الطوارئ الصحية العالمية الناتج عن أزمة كورونا خوفاً من تفشي الجائحة بصورة أكبر، عاد الحراك الشعبي الذي تبنى بصورة رئيسية دعوات التظاهر ضد النظام منذ عام 2019، ومع عودته إلى الساحة مرة أخرى في 22 فبراير/شباط المنصرم -الذكرى الثانية لبداية الحراك- عاد قمع الحكومة للصحفيين بصورة أشد تنذر بأن النظام الحالي لن يختلف عن سابقيه فيما يتعلق بقمع المعارضة وخنق حرية الرأي والتعبير.
بدأ الحراك الشعبي الجزائري في فبراير/شباط 2019 كرد فعل على سعي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، واستمرت الاحتجاجات والمظاهرات في الخروج بصورة أسبوعية كل يوم جمعة، شارك فيها مئات من آلاف الجزائريين من جميع أنحاء البلاد، ما أجبر بو تفليقة في نهاية المطاف عن التخلي عن ترشيحه للرئاسة في أبريل/نيسان من ذلك العام، لكن هذا لم يكن كافياً للشعب الذي لم تتوقف مظاهراته لضمان العيش في وطن ديموقراطية وبيئة حرة بلا خوف.
في ديسمبر/كانون الأول 2019 فاز الرئيس الحالي عبد المجيد تبون في الانتخابات، وكانت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات أقل من 40٪، وهي الأقل في تاريخ الانتخابات الرئاسية في البلاد، واستمرت احتجاجات الجمعة حتى ربيع عام 2020، حيث دعت شخصيات مختلفة من الحراك إلى وقف الاحتجاج مؤقتًا بسبب تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-١٩ بسرعة كبيرة.
تميزت الاحتجاجات بغياب نسبي للعنف، ومع ذلك، وعلى الرغم من أن المحتجين هتفوا “الجيش والشعب إخوة” طوال عام 2019، فقد تعرضت الحركة للقمع في عدة وقائع، على سبيل المثال اعتُقل عدد من الصحفيين أشهرهم خالد دراريني، الذي لم يُفرج عنه إلا مؤخرًا بعد اعتقاله في أغسطس / آب 2020.
وخلال الأسابيع الماضية، تعرض العديد من الصحفيين للاعتداء من قبل أجهزة الأمن، وهددت السلطات بسحب اعتماد فرانس 24.
تحتل الجزائر حاليًا المرتبة 146 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020 لموقع مراسلون بلا حدود، وهو تصنيف أقل خمسة مراتب عن عام 2019، وأقل 27 مرتبة عن عام 2015، ما يعني أن الانتهاكات الأساسية التي اعترض عليها الجزائريين من البداية لا زالت قائمة بل وبصورة أسوأ.