المحاكم العسكرية شرق ليبيا
أجرت المحاكم العسكرية في شرق ليبيا منذ عام 2018 محاكمات صورية يشوبها التعذيب، حكمت بموجبها على 22 شخصا على الأقلّ بالإعدام، وزجّت بالمئات غيرهم في السجون، في حين تعرّض آخرون للتعذيب في الحبس الاحتياطي.
هذا ما أكدته تقارير حقوقية لفتت إلى أن المحاكم العسكرية أدانت مئات المدنيين في شرق ليبيا في محاكمات عسكرية سرية وبالغة الجور، تهدف إلى معاقبة الخصوم والنقّاد الفعليّين أو المفترضين للقوات المسلّحة، التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر والجماعات المسلّحة التابعة لها.
وأوضحت التقارير أنه في عداد المدنيين الذين حاكمتهم هذه المحاكم؛ شخصان استُهدفا حصرا بسبب عملهما الصحفي، ومجموعة شاركت في احتجاجات سلمية، وعشرات الأشخاص الذين دافعوا عن حقوق الإنسان أو نشروا انتقادات لقوات حفتر على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول محتجزون سابقون إنهم تعرضوا للاختطاف والاحتجاز مدداً تصل إلى ثلاث سنوات حتى قبل إحالتهم إلى الادعاء العسكري، واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لغاية 20 شهراً في ظروف شبيهة بالإخفاء القسري، وتعرضوا للضرب، ووُجّهت إليهم تهديدات، واستُخدم ضدهم أسلوب الإيهام بالغرق.
وأكد بعض هؤلاء المحتجزين أنهم أرغموا على توقيع اعترافات بجرائم لم يرتكبوها.
وترى جهات حقوقية أن المحاكمات العسكرية للمدنيين تضرب عرض الحائط بالمعايير الدولية والإقليمية، فضلا عن أنها جائرة بطبيعتها، ما يشكّل ستاراً فاضحاً، تمارس به القوات المسلحة في شرق ليبيا والجماعات المسلحة التابعة لها سلطتها؛ لمعاقبة أولئك الذين يعارضونها، وخلق مناخ من الخوف.
وتجري في شرق ليبيا التي تسيطر عليها قوات حفتر هذه المحاكمات سراً، وأحيانا في غياب المحامين والمتّهمين، ما يقوّض أي مظهر من مظاهر العدالة.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا قد حذرت مراراً من المخاطر التي تهدد العديد من النشطاء في المناطق التي تسيطر عليها قوات حفتر في ظل استمرار إفلات الجناة من العقاب.
ومنذ سنوات؛ تعاني ليبيا من حرب أهلية ضارية شنتها مليشيات المشير خليفة حفتر للاستيلاء على الحكم من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ما تسبب في سقوط آلاف القتلى والجرحى بين المدنيين، وخلف دماراً هائلاً في البنية التحتية للبلاد.
وبحسب إحصائيات حقوقية؛ فإن العام المنصرم 2020 شهد سقوط 416 قتيلا من الضحايا المدنيين، من بينهم 114 جثة مجهولة الهوية، و89 جثة عثر عليها في المقابر الجماعية، بالإضافة إلى 105 حالات اختطاف وإخفاء قسري، طالت صحفيين وأطباء ونشطاء مجتمع مدني وحقوقيين وأعضاء هيئات قضائية، وإصابة 491 مدنياً إثر العمليات العسكرية والرصاص العشوائي والألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى 121 واقعة استهداف واعتداء على منشآت ومرافق وأهداف مدنية.
وتحاول ليبيا طي صفحة عقد من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 مع انتخاب “حكومة الوحدة الوطنية” برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات المقررة في كانون الاول/ديسمبر.