الجرائم الإسرائيلية والقانون الدولي
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أمس -الخميس 20 مايو/أيار- ندوة افتراضية بعنوان “الجرائم الإسرائيلية والقانون الدولي” لمناقشة العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني، وفي غزة على وجه الخصوص، وبحث السبل والاقتراحات الممكنة لإنهاء سياسات سلطات الاحتلال العنصرية ضد الفلسطينيين ووضع حد لانتهاكاتها الجسيمة.
تمت الندوة بحضور عدد من المحامين والخبراء والنشطاء الحقوقيين، والذين ركزوا في حديثهم على تسليط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني المحتل وفي الضفة الغربية والعدوان الوحشي على قطاع غزة المحاصر، وأثر الصمت الدولي الممتد منذ عقود في تشجيع قوات الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم.
قام بتقديم الندوة، الباحث الحقوقي نسيم أحمد، الذي أكد في كلمته أن إسرائيل تمارس إرهاباً ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مديناً الصمت الذي تلتزم به الحكومات الغربية حيال ما يحدث من جرائم في غزة وفلسطين بأسرها.
وفي كلمتها، سلطت دانة أبو الجبين – مدير حملة مناهضة تجارة الأسلحة- الضوء على مبيعات الأسلحة الضخمة التي يتم دعم إسرائيل بها، مشيرة إلى أنها لا يوجد حرب أو صراع في العالم إلا ووراءه تجار أسلحة يقومون بتغذيته.
ولفتت أبو الجبين إلى أن الجيش الإسرائيلي يُعد من أقوى الجيوش في العالم، وبكل أسف يستخدم هذا الجيش قوته ضد سكان غزة، حيث يتم قصف المنازل والمراكز الطبية والمؤسسات الإعلامية.
وأضافت أبو الجبين أن إسرائيل من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، وتأتي معظم وارداتها من الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بدعم الجيش الإسرائيلي مؤخراً بصفقة كبيرة من الأسلحة، موضحة أن المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا يقومون بمساعدة إسرائيل عسكرياً أيضاً.
وانتقدت أبو الجبين موقف المملكة المتحدة الأخير من العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث قالت إنه يضفي الشرعية على القصف الإسرائيلي، محذرة من وجود مفاوضات حول تجارة أسلحة حرة بين الجانب الإسرائيلي والبريطاني.
واختتمت أبو الجبين كلمتها مؤكدة أن مبيعات الأسلحة لإسرائيل ليست مجرد أرقام وإحصاءات، لكنها أدوات رئيسية لقتل الشعب الفلسطيني.
أما الأكاديمي البريطاني ويليام شاباس فركز في كلمته على ضرورة فضح سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، ليس فقط لأنه جريمة ضد الإنسانية، ولكن لأن إخبار العالم بأن هناك تشابهاً بين ما تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، وبين الوضع في جنوب إفريقيا قبل 40 عاما هو أمر شديد الأهمية.
وأوضح أستاذ القانون الدولي بجامعة ميدلسكس بلندن أن مقارنة الوضع في جنوب إفريقيا قبل 40 عاماً والوضع الإسرائيلي في الوقت الحاضر فيما يتعلق بعلاقاتها القوية مع أقوى دول العالم يثبت أن وضع إسرائيل غير مستقر وغير مستدام، وشدد شاباس على ضرورة عزل إسرائيل على المستوى الدولي من أجل الوصول إلى نقطة التغيير الحاسمة كما فعلت جنوب إفريقيا.
في كلمته، أكد عمار الدويك -مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن مسؤولية وقف العدوان الإسرائيلي على غزة تقع على عاتق الجميع، مؤكداً أن ما يحدث في غزة هو نتيجة طبيعية لفشل تحقيق العدالة عبر تطبيق القانون الدولي الذي لم تُحاسب إسرائيل بموجبه قط، وأرجع الدويك استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد وتيرة الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية إلى ضمان إسرائيل عدم مساءلتها عن جرائمها، مؤكداً أنه دون تحقيق العدالة للفلسطينيين لن يكون هناك سلام أو استقرار أو عدالة في المنطقة وستستمر الجرائم.
وأشار الدويك إلى أن استراتيجية إسرائيل واضحة، وهي إلحاق أكبر قدر من الخسائر في أرواح المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، وتدمير مرافق الحياة.
وبين الدويك في كلمته الأضرار التي لحقت بقطاع غزة المحاصر جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث بين أن أكثر من 70 ألف شخص في غزة نزحوا من منازلهم بحثًا عن ملجأ في مدارس الأونروا، لكن لسوء الحظ، لا تستطيع الأونروا تقديم أي خدمات لهم بسبب الازدحام الذي قد يتسبب في موجة ثالثة من كورونا داخل القطاع الذي يفتقر إلى ما يكفي من الكهرباء والماء والغذاء أو البطانيات، فضلاً عن نقص التمويل والأدوية.
وطالب الدويك الدول العربية بوقف التطبيع وقطع العلاقات مع إسرائيل، مؤكداً أنه من المعيب أن تقيم الدول العربية علاقات مع إسرائيل في ظل ما تمارسه من عدوان.
الباحثة القانونية والمستشارة في منظمة الحق شهد قدورة ركزت في كلمتها على أزمة حي الشيخ جراح، حيث قالت إن الشيخ جراح كان الشرارة التي أدت إلى تفاقم الأوضاع الأخيرة في فلسطين، مشيرة أنه انعكاس لما يجري في فلسطين منذ 73 عاما، وأكدت قدورة أن الوضع في الشيخ جراح هو تجسيد مصغر للوضع في كامل فلسطين، مشيرة أن الاستعمار الاستيطاني لا يوجد فقط في حي الشيخ جراح، ولكن في أجزاء أخرى من القدس والضفة الغربية، مؤكدة أن إسرائيل حريصة على تقسيم الشعب الفلسطيني جغرافيا.
ولفتت قدورة إلى أنه قبل أحداث الشيخ جراح بفترة وجيزة، تم استهداف الفلسطينيين في المسجد الأقصى وباب العامود والبلدة القديمة في القدس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين من اليمين المتطرف، موضحة أن النكبة لم تنته عام 1948، بل بدأت، وشددت على أن الوقت قد حان لأن يتخذ المجتمع الدولي تدابير فعلية وملموسة لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حيث تستخدم إسرائيل ترسانة أسلحتها ومعداتها العسكرية لقمع الفلسطينيين.
المحامية البريطانية هايدي ديكستال تحدثت في كلمتها عن دور المحكمة الجنائية الدولية المنوط بها لمحاسبة مرتكبي الجرائم الإسرائيليين، حيث ذكرت أنه وفقًا لنظام روما الأساسي، على المحكمة الجنائية الدولية أن تضع حداً لإفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب، وطالبت المحكمة بضرورة التحرك الفوري، موضحة أن أداء المحكمة البطيء لن يساعد على إنهاء جرائم الحرب الحالية.
وأشارت إلى أن المحكمة تتسم بالتحرك البطيء في مثل هذه الملفات، وخاصة الملف الفلسطيني حيث تم تقديم الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية قبل أكثر من 12 عاماً، ولم تبدأ المحكمة في فتح تحقيق سوى قبل عدة أشهر.
في ختام الندوة طالب المتحدثون جميعاً المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتزايدة، مع ضرورة تفعيل عقوبات القانون الدولي ضد إسرائيل التي تتصرف بهذه الوحشية لضمانها الإفلات من العقاب.