واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم تنفيذ غارات جوية مكثفة استهدفت مناطق متفرقة في قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل 19 فلسطينيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، بحسب مصادر طبية محلية.
استهدفت الغارات مناطق سكنية مكتظة بالسكان، حيث دمرت منازل فوق رؤوس ساكنيها، وأدى القصف العنيف إلى تهدم مبانٍ بأكملها على من بداخلها، مما تسبب في محاصرة عائلات تحت الركام وسط صعوبات بالغة تواجهها طواقم الإسعاف في الوصول إلى مواقع الضربات بسبب استمرار القصف وخطورة الأوضاع الميدانية.
تأتي هذه الهجمات ضمن سياق مستمر من الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أوقعت حتى الآن أكثر من 50 ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وألحقت دمارًا واسعًا بالبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء.
وتعتمد سلطات الاحتلال في هذه الحملة المستمرة على استهداف الأحياء السكنية المكتظة، وضرب المنشآت المدنية الحيوية، في انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة أحكام اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر استهداف المدنيين والمرافق المدنية أثناء النزاعات المسلحة، كما يشكل استهداف هذه المناطق المكتظة بالسكان دون تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تواصل التدهور بوتيرة كارثية، مع تسجيل نقص حاد في المواد الغذائية والطبية ومياه الشرب، في ظل الحصار المشدد المفروض على القطاع، والانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية والخدمية، مما يزيد من معاناة الجرحى والمرضى ويعرض عشرات الآلاف لخطر الموت البطيء.
تستمر قوات الاحتلال في عمليات القصف الجوي المكثف على مختلف مناطق القطاع، متجاهلة كافة المناشدات الدولية المطالبة بوقف العمليات العسكرية، ومستفيدة من حالة العجز الدولي وانعدام آليات الردع الفعّالة، وهو ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويفتح المجال أمام استمرار ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين العزل.
إن استمرار هذه الحملة الممنهجة على السكان المدنيين في غزة يعزز التأكيد على أن ما يجري هو جريمة إبادة جماعية متواصلة تتم بشكل علني تحت أنظار المجتمع الدولي، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة.
هذه الجرائم تضع المجتمع الدولي، لا سيما الأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، أمام اختبار مصداقي خطير، حيث يقتضي الواجب القانوني والإنساني اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الجرائم، وتفعيل المساءلة الدولية بحق مرتكبيها، والعمل الجاد على حماية المدنيين الفلسطينيين من الاستهداف المستمر.