في فصل جديد من فصول حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة؛ قُتل وأصيب العشرات منذ فجر الجمعة، جراء سلسلة من الهجمات الجوية والبرية استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، بما فيها مواقع لجوء مؤقتة وخيام نازحين وتجمعات مدنيين.
وتأتي هذه الهجمات ضمن سياسة ممنهجة يتبعها الاحتلال منذ ما يقرب من عامين، تقوم على الاستهداف المباشر للمدنيين، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، والتجويع الجماعي للسكان، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والكرامة.
وبحسب مصادر طبية وشهود عيان؛ استهدفت طائرة مسيّرة تابعة للاحتلال خيمة تأوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين فلسطينيين وإصابة أربعة آخرين.
وفي منطقة محطة طبريا غربي المدينة ذاتها، قتلت امرأة فلسطينية وأصيب آخرون، جراء قصف استهدف خيمة للنازحين.
وفي تطور بالغ الخطورة؛ أطلق جنود الاحتلال الرصاص على حشد من الفلسطينيين أثناء انتظارهم لتلقي مساعدات إنسانية في جنوب خان يونس، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 73 آخرين، في مشهد يعكس القسوة المفرطة وسياسة العقاب الجماعي التي تُمارَس بحق المدنيين المحاصرين.
وفي مدينة دير البلح وسط القطاع؛ استُهدفت مركبة مدنية بصاروخ من طائرة مسيّرة، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين آخرين.
ويُظهر هذا النمط من الاستهداف تعمداً في القتل خارج نطاق القانون، وافتقاراً لأي تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، في خرق واضح لاتفاقيات جنيف.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعيش سكان قطاع غزة تحت وقع حرب إبادة جماعية خلفت أكثر من 207 آلاف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب نحو 9 آلاف مفقود، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية والإنسانية، وتدمير البنية التحتية، وتحويل مناطق واسعة من القطاع إلى أنقاض.
وتحولت الحرب في غزة إلى محرقة متواصلة، لا تستثني مستشفى أو مدرسة أو مخيم نازحين، وتضرب بكل أدوات الترويع والتجويع الممكنة، ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق التعريف القانوني المعتمد دولياً.
ورغم القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والنداءات الأممية المتكررة بوقف الحرب؛ يواصل الاحتلال تحت غطاء الحصانة السياسية والدعم العسكري الغربي، تدمير حياة الفلسطينيين، على مرأى ومسمع من العالم.
إن ما يحدث في غزة اليوم لا يُعدّ فقط مأساة إنسانية، بل وصمة عار قانونية وأخلاقية في جبين النظام الدولي المعاصر، الذي يواصل صمته المخزي أمام واحدة من أكثر الجرائم وحشية في القرن الحادي والعشرين.