لا بد من فتح تحقيق رسمي لمعرفة الأضرار التي تسبب بها هذا التمويل ومحاسبة المسؤولين عنه
نددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بانتهاك الاتحاد الأوروبي للقانون الدولي بصورة فجة والذي كشف عنه تقرير منظمة الخصوصية الدولية حول تلقي رجال الشرطة داخل أوروبا وإفريقيا لبرامج تدريب خاصة تُقدمها وكالة التدريب على إنفاذ القانون التابعة للاتّحاد الأوروبي (CEPOL) حول كيفية استخدام البرمجيات الخبيثة والضّارة لاختراق هواتف المواطنين ومراقبة شبكات التّواصل الاجتماعي.
وأوضحت المنظمة أن وكالة (CEPOL) ومن أجل دعم سياسات الاتحاد الأوروبي في البلدان المجاورة تقوم بتوفير خبراء ومسؤولين تابعين لها لتدريب نظرائهم في بلدان البلقان وشمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وأضافت المنظمة أن الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط تستخدم تلك التدريبات بهدف التجسس على مواطنيها وتحويل وسائل التواصل الاجتماعي لآلية مراقبة لتتبع النشطاء ومن ثم اعتقالهم والتنكيل بهم، لا سيما أنّ الحركات الاحتجاجية اتسمت مؤخّرا باعتماد نشطائها على المنصات الرقمية بشكل أساسي.
وبينت المنظمة أن دولة مثل السعودية على سبيل المثال تقوم بتتبع موقع الأجهزة التي تعتمد على بروتوكول SS7 – وهو مجموعة تسمح لمشغلي الاتصالات بالتحدث مع بعضهم البعض- ومن خلال استغلال هذا البروتوكول، تكون وكالات إنفاذ القانون قادرة على تحديد موقع الجهاز، وقد اتبعت السعودية هذا الأسلوب في عمليات البحث الخاصة بـ SS7 لتتبع مواقع الأفراد في الولايات المتحدة.
وذكرت المنظمة أن برامج المساعدة المقدمة من الاتحاد الأوروبي تشتمل أيضاً على بروتوكولات وتقنيات تكنولوجية تمكن الدول القمعية من اختراق ” CDR و IPDR” وهي بيانات وصفية يتم الحصول عليها من شبكات ومشغلي الاتصالات والتي تصف التفاصيل العامة للمكالمة، مثل من اتصل بمن، والتفاصيل العامة لحركة الإنترنت، مثل عنوان IP المصدر والوجهة.
كما أنه وفي إطار “الشراكة الثانية للتدريب على مكافحة الإرهاب” بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تبلغ تكلفتها حوالي 6.5 مليون يورو، فإن (CEPOL) تشارك رسمياً السلطات في الجزائر والأردن ولبنان والمغرب وتونس في حل قضايا “هامة” مثل الأمن السيبراني ومكافحة التطرف العنيف وتمويل الإرهاب، إلا أنه وبحسب الوثائق التي حصلت عليها منظمة الخصوصية الدولية فإن هذه البرامج تستخدم لأغراض “ضارة” ترسخ قواعد القمع في تلك البلدان.
وأعربت المنظمة عن استنكارها الشديد لدعم الاتحاد الأوربي لدول ذات سجلّات حافلة بانتهاكات حقوق الإنسان، وتمويل برامج تدريبية من خزانة مساعدات الاتحاد الأوروبي لدعم قدرة تلك الأنظمة على سحق معارضيها ومحاصرتهم، وبالتالي وأد حرية الرأي والتعبير والتوسع في سياسات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والمحاكمات الجائرة التي تصل أحكامها إلى الإعدام.
ولفتت المنظمة إلى أن الملفّات التي تمّ الكشف عنها في تقرير منظمة الخصوصية الدولية تتعلق بدورات تُروج بالأساس لأدوات رقميّة وبرمجيات خبيثة تُمكِّن الأنظمة الأمنية من اختراق الهواتف الذكية بهدف الوصول إلى البيانات التي تحتويها والتجسس على أصحابها، وتشجع الحكومات على التجسس على مستخدمي الفضاء الرقمي، واختراق سياسات المنصات الاجتماعية مثل فايسبوك (Facebook) وتويتر (Twitter).
وذكرت المنظمة أن الكشف عن هذه التجاوزات الخطيرة تزامن مع إعلان البرلمان الأوروبي عن خطط للحدّ من تصدير أدوات المراقبة الالكترونية للدول التي تلاحق النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو تناقض غريب.
وطالبت المنظمة الاتحاد الأوروبي بوقف دعم تلك البرامج على الفور، وتوجيه جهده في سبيل اتخاذ تدابير ملموسة للتصدي لعمليات الوصول غير المأذون به إلى البيانات الشخصية، بما يتفق مع القانون الدولي الذي يكفل الحق في الخصوصية.
كما طالبت المنظمة البرلمان الأوروبي بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لمعرفة الأضرار التي تسبب بها هذا التمويل ومحاسبة كل من يقف وراءه.