في ظل استمرار القصف المتواصل على قطاع غزة، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أن ستة مراكز صحية فقط من أصل 22 لا تزال تقدم خدماتها، سواء داخل مراكز الإيواء أو خارجها، بينما يعاني القطاع الصحي من شلل شبه كامل نتيجة العدوان والحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال.
وأكدت الوكالة أن المستلزمات الطبية الضرورية للحفاظ على حياة الجرحى والمرضى شحيحة إلى درجة كارثية، وسط حاجة ماسة لإدخال المساعدات الطبية والإنسانية، التي يمنع الاحتلال دخولها منذ أكثر من شهرين.
ومنذ 2 مارس 2025، أقدم الاحتلال على إغلاق جميع معابر غزة، مانعاً دخول المواد الغذائية، والمستلزمات الطبية، والإغاثة الإنسانية، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية حتى بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث بات أكثر من مليوني إنسان محاصرين وسط الجوع والمرض والانهيار التام للبنية التحتية.
وفي سياق العدوان المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بحق سكان قطاع غزة، إذ تجاوز عدد القتلى والجرحى 173 ألفاً، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، الكثير منهم دفنوا تحت الأنقاض في ظل استحالة عمليات الإنقاذ.
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو تدمير ممنهج لحياة شعب بأكمله، واستهداف واضح لكل مقومات الحياة المدنية، من مشافٍ ومدارس ومخابز ومخيمات إيواء، فحرمان السكان من الغذاء والماء والعلاج والكهرباء، ومنع وصول الإغاثة، وتدمير المنشآت الحيوية، هي عناصر لا تُفهم إلا ضمن سياق نية متعمدة لإفناء جماعي، يتجاوز حدود جرائم الحرب إلى جريمة الإبادة الجماعية، التي يجرمها القانون الدولي ويضع مرتكبيها تحت طائلة المحاسبة الجنائية.
ورغم وضوح الصورة؛ يواصل الاحتلال عملياته بدعم دولي سياسي وعسكري، بينما يغيب الرد الفعّال من المجتمع الدولي الذي يكتفي بالبيانات والتصريحات، في وقت تُرتكب فيه واحدة من أبشع الجرائم في القرن الحادي والعشرين على مرأى ومسمع العالم.
إن السكوت على هذه الإبادة الجماعية هو تواطؤ. والتأخر في وقفها يضيف يوماً جديداً من المعاناة لمئات آلاف العائلات المنكوبة، ووصمة عار في سجل الإنسانية.